ومصلحة لا يتوقّف على العلم بل يمكن ثبوته في حقّ الجاهل أيضا ، أجل مع احتمال المكلّف له ـ أي للتكليف الناشئ عن إرادة ومصلحة ـ وعدم علمه به لا يكون منجزا فالتكليف ثابت بيد أنّه ليس بمنجز لعدم العلم به (١).
وعلى الثاني فما ذكره من اختصاص التكليف الحقيقي بخصوص العالم وعدم ثبوته في حقّ الجاهل قد يكون صحيحا ولكن أقصى ما يثبت بذلك أنّ اسم التكليف الحقيقي ولفظه لا يكون صادقا ، وهو غير مهم ، فإنّ صدق لفظ التكليف الحقيقي وعدمه ليس له كثير أهمية ؛ إذ حتّى لو سلّمنا عدم صدقه فيبقى من حقّنا أن نسأل هل يبقى المكلّف محتملا للتكليف الحقيقي بالمعنى الأوّل ، أي ما نشأ عن مصلحة وإرادة؟ ولا بدّ وأن يكون الجواب بالإيجاب ؛ إذ التكليف الناشئ عن إرادة ومصلحة يمكن ثبوته في حقّ الجاهل ، ومع احتماله فلا بدّ من البحث عن كونه منجزا أو لا ، فإن كان منجزا وجب الاحتياط ولا يكون العقاب على مخالفته قبيحا حتّى وإن لم يصدق عليه عنوان التكليف الحقيقي فإنّ صدقه ليس بمهم ، والأصفهاني لم يثبت عدم كونه منجزا.
وباختصار : أنّ التكليف الحقيقي له معنيان ، والمعنى الأوّل لا يختص بالعالم ، والمعنى الثاني وإن فرض اختصاصه به إلاّ أنّ المكلّف يبقى محتملا للتكليف الحقيقي بالمعنى الأوّل ، ولم يثبت الأصفهاني عدم كونه منجزا فإنّ غاية ما أثبته هو أنّ التكليف الحقيقي بالمعنى الثاني ليس بصادق ولم يثبت أنّ احتمال التكليف الحقيقي بالمعنى الأوّل ليس منجزا.
__________________
(١) وطبيعي لا بدّ للأصفهاني ـ بعد اتّضاح بطلان البرهان الذي استدل به ـ من إقامة البرهان على عدم كون احتمال التكليف منجزا