عدم تعارض الاصول لا يرفع العلم الإجمالي حقيقة وإنّما يرفع منجزيته.
والسيد الخوئي ( دام ظلّه ) أوضح فكره الانحلال الحكمي في المقام وحاول ربطها بمسلك جعل الطريقية الذي يتبناه.
وحاصل ما ذكره : انّ فكرة الانحلال الحكمي تامّة وواضحة بناء على مسلك جعل الطريقية. والوجه في ذلك انّ العلم الإجمالي متقوّم بأمرين : العلم بالجامع ، والشكّ في كل طرف طرف.
فإذا فرضنا انّ الآية أو الرواية أو الاستصحاب (١) دلّ على ثبوت الحرمة أو الوجوب في قسم من الشبهات فسوف يزول عنه الشكّ إذ حجّية الامارة تعني جعل العلمية والطريقية ، فالمكلّف متى ما قامت لديه امارة على الحرمة في شبهة فالشكّ يزول عنها ويتبدّل إلى العلم بالحرمة ـ ولكن ارتفاع الشكّ تعبّدي وليس ارتفاعا حقيقيا لأنّ الامارة لا تولّد العلم حقيقة وإنّما تولّده تعبّدا. ومن أجل هذا كان انحلال العلم الإجمالي انحلالا تعبّديا وليس حقيقيا ـ ومع زوال الشكّ وتبدّله إلى العلم يزول العلم الإجمالي أيضا لتقوّمه بالشكّ في كل طرف.
ويمكن مناقشة ذلك بأنّ منجزية العلم الإجمالي تتوقّف على تعارض الاصول في الأطراف فمتى لم تتعارض ـ كما هو الحال في مقامنا حيث انّ القسم الذي فيه الامارات لا تجري فيه البراءة وإنّما تجري في القسم الباقي فقط ـ لم يكن منجزا ، وهذا بلا فرق بين أن نبني على مسلك جعل العلمية أو لا.
__________________
(١) المجعول في باب الاستصحاب عند السيد الخوئي هو الطريقية أيضا على ما تقدّم