الطبيعة على سعتها بل هو الحصّة الخاصّة من الطبيعة وهي الواجدة للقيد ، إذ أنّ المولى حينما يأخذ قيدا في الواجب فإنّه يضيّق من دائرة المطلوب ويجعل الواجب حصّة خاصّة من الطبيعة وهي المتقيّدة بالقيد ، وهذا التضييق لدائرة المطلوب قد يتمّ بواسطة جعل المطلوب هو الحصّة التي يسبقها القيد ، وقد يتم بواسطة جعل المطلوب هو الحصّة التي يقترن معها القيد ، وقد يتمّ بواسطة جعل المطلوب هو الحصّة التي يتعقّبها القيد ، وكلّ هذه الحالات يكون المولى قد ضيّق من دائرة المطلوب وحصّصه بحصة خاصة ، وليس في حالة من هذه الحالات يكون فيها ذات الواجب متوقفا على قيده بل إنّ هذه القيود لا تعني أكثر من تعيين ما هو المطلوب للمولى.
وبهذا لا تكون قيود الواجب بمثابة العلل للمقيّد بها ، فلا محذور حينئذ في أن يكون القيد متقدّما أو متأخّرا.
ففي مثالنا وهو اشتراط صحّة الصوم السابق بالغسل في الليلة اللاحقة لا يعني هذا الشرط أكثر من أنّ المطلوب للمولى هو الحصّة الخاصة من الصوم وهي الصوم الذي يتعقّبه غسل الاستحاضة.
وكذلك لا محذور في افتراض تأخر قيود الحكم عن الحكم ؛ وذلك لأنّ الحكم بمرتبة الجعل يجعل على نحو القضيّة الحقيقيّة والتي يكون موضوعها مقدر الوجود ، وهذا يعني أنّ القيود المأخوذة في الحكم بمرتبة الجعل هي قيود افتراضيّة ذهنيّة يلحظها المولى ثمّ يجعل الحكم عليها معلقا على ما لا حظه وقدّره من موضوع وقيود ، وإذا كان كذلك فالحكم بمرتبة الجعل يكون موجودا بمجرّد إنشاء المولى للقضيّة الحقيقيّة ؛ وذلك لأنّ الحكم لمّا كان معلقا على ما هو ملحوظ في الذهن فحتما يكون موجودا