ومع التزامه بالأول يكون قد ناقض الثاني والذي يقتضي السعة ، ويكون الأمر أوضح في حالات اقتضاء الدليلين لحكمين إلزاميين متنافيين كما لو كان الأول يقتضي الوجوب والثاني يقتضي الحرمة فإنّه من المستحيل تنجّز كلا الدليلين كما هو أوضح من أن يخفى ، وبهذا اتضح سقوط الافتراض الأوّل.
الافتراض الثاني : أن تكون الحجيّة ثابتة للمتعارضين على نحو يكون الالتزام بأحدهما موجبا لسقوط الحجيّة عن الآخر ، فثبوت الحجيّة لأحد الدليلين منوط بعدم الالتزام بمؤدى الدليل الآخر.
والإشكال على هذا الافتراض هو أنّ المكلّف لو أهمل كلا الدليلين ولم يلتزم بهما معا فإنّ حجيّة كل واحد منهما تكون فعلية لتنقح موضوعها ، إذ أنّ موضوع الحجيّة ـ كما هو الفرض ـ للدليل الأول هو عدم الالتزام بالثاني وهو غير ملتزم بالثاني ـ بحسب الفرض ـ وموضوع الحجيّة للدليل الثاني منوط بعدم الالتزام بالأول وهو غير ملتزم به أيضا فيكون كلا الدليلين متوفّر على شرط الحجيّة فتتنجّز حجيّة المتكاذبين في عرض واحد وهذا يؤول إلى الافتراض الأول ، وبهذا يسقط الافتراض الثاني لاستحالته وعدم إمكانه.
الافتراض الثالث : أن تكون الحجيّة ثابتة لأحد المتعارضين تعيينا بأن يختار المولى نفسه أحد الدليلين ويجعل له الحجيّة ويسقطها عن الآخر ، وذلك لملاك يقتضي التعيين ، وهذا الافتراض لا محذور فيه ثبوتا.
الافتراض الرابع : أن تكون الحجيّة مجعولة لكلا الدليلين ولكن بنحو التخيير ، وهذا يقتضي ألا يكون المكلّف في سعة من جهة كلا الدليلين معا