في مثل هذه الحالة بقاء الوجوب الثابت في زمن الحضور ، فكما أنّ الوجوب المتيقن يقتضي التحرّك والانبعاث عنه كذلك الوجوب المشكوك إذا كانت حالته السابقة هي اليقين بالوجوب.
المقدّمة الثانية : إنّه وإن كان من المسلّم أنّ المجعول في مورد الاستصحاب هو الحكم الظاهري إلاّ أنّه وقع النزاع في أنّ الاستصحاب كاشف عن الحكم الظاهري أو هو بنفسه حكم ظاهري ، أي أنّ الاستصحاب هل هو من الأمارات ـ والتي شأنها الكشف عن الحكم الواقعي ـ أو هو من قبيل الأصول العمليّة المقرّرة لوظيفة المكلّف في ظرف الشك في الحكم الواقعي؟
ومن الواضح أنّه بناء على الأول يكون دور الاستصحاب دور الكشف عن الحكم الواقعي ، وأما بناء على الثاني فالاستصحاب بنفسه حكم ظاهري ، فجعل الاستصحاب يعني جعل الوجوب الظاهري أو جعل الحرمة الظاهرية أو الشرطية الظاهرية وهكذا.
كما أنّه وقع النزاع بينهم فيما هو دليل الاستصحاب وهل هو من مدركات العقل أي أنّ العقل يدرك بقاء المتيقن على ما هو عليه في ظرف الشك فيكون الدليل على حجية الاستصحاب هو الحكم العقلي القطعي أو الظني؟ أو أنّ مدرك الحجيّة للاستصحاب هو السيرة العقلائية الجارية على اعتبار المشكوك ـ لو كان مسبوقا باليقين ـ متيقنا وترتيب آثار اليقين على حالات الشك؟ أو أنّ مدركه هو الروايات القاضية بحرمة نقض اليقين بالشك؟ وهذا ما سيأتي تفصيله في دليل الاستصحاب.
ومع اتضاح هاتين المقدمتين نصل لبيان تعريف الاستصحاب :