الجدّية للإطلاق ؛ وذلك لمنافاة الإطلاق لما هو المركوز عقلائيا من استبعاد إجراء البراءة في مورد يلزم من إجرائها الترخيص في المخالفة القطعية ، فالترخيص الظاهري في حالة من هذا القبيل وإن كان ممكنا ثبوتا إلاّ أنّه غير متعارف ، كما هو ملاحظ بوضوح في علاقات من لهم النظارة على مجتمعاتهم مع رعاياهم ، كما أنّ هذا النحو من الترخيص مستهجن عقلائيا ، فهم لا يرون أيّ مسوّغ لمثل هذه الاعتبارات ، وهذا ما يشكّل قرينة على عدم الإرادة الجدّية للإطلاق.
بل يمكن أن يقال إنّ الشارع لو كان مريدا للإطلاق لكان عليه أن يصرّح بإرادة الإطلاق في مثل هذه الموارد لا أن يعوّل على قرينة الحكمة ؛ وذلك لأنّ مثل هذا الارتكاز العقلائي المتأصّل يمنع ابتداء من انعقاد الظهور في الإطلاق ، فلو أراد الشارع تجاوز ما هو مرتكز عقلائيا ـ وهو ممكن ـ لما صحّ التعويل على عدم ذكر القيد وقرينة الحكمة لعدم تمامية مقدماتها ؛ وذلك لأنّ من مقدمات قرينة الحكمة عدم وجود ما يصلح للقرينة على التقييد ولا إشكال ولا ريب في صلوح هذا الارتكاز للقرينية.
ومن هنا قد ينعكس المطلب فنقول إنّ المولى مريد للتقييد إلاّ أنّه لم يصرّح به اعتمادا على ما هو مركوز عقلائيا من استهجان الترخيص المؤدي إلى الإذن في المخالفة القطعيّة ، وإذا لم تقبلوا ذلك فلا أقل من عدم إحراز الإرادة الجدّيّة للإطلاق لاحتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة.
الأمر الثاني : هو خروج المقام تخصصا وموضوعا عن دليل البراءة الشرعية ؛ وذلك للعلم بالجامع ، فيكون البيان متحققا في مورده وهو ما ينفي موضوع البراءة الشرعية ، إذ أنّ موضوعها عدم البيان والعلم بالجامع