الحرمة في ظرف عدم العلم بجعل الحرمة حتى يكون مآل ذلك إلى أخذ العلم بالجعل في الحكم المجعول ؛ لأنّه إذا كان عدم العلم بالجعل قيدا في رفع الحكم المجعول فالعلم بالجعل يكون قيدا لثبوت الحكم المجعول.
وببيان آخر : إنّ معنى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « رفع ما لا يعلمون » هو أنّ الحكم غير المعلوم قد رفع عن هذه الأمّة ، وهذا يقتضي أنّ الذي رفع هو نفس الحكم غير المعلوم ، فإذا كان الحكم غير المعلوم هو فعليّة الحرمة فالمرفوع هو فعليّة الحرمة ، في حين أنّ دعوى كون المرفوع هو الحكم المجعول وغير الملوم هو الجعل يقتضي أن يكون المرفوع ليس هو عين غير المعلوم ، حيث إنّ الجعل يعني الحكم الإنشائي والمجعول يعني وصول الحكم لمرحلة الفعليّة ، والأوّل غير الآخر كما بينا ذلك في محلّه.
ومع استظهار اتّحاد الحكم المرفوع مع الحكم غير المعلوم يسقط المعنى الأوّل لاستلزامه للدور المحال ؛ إذ أنّه يقتضي أخذ العلم بالمجعول في موضوع الحكم المجعول ، أي أنّ فعليّة الحكم منوطة بالعلم بالفعليّة ؛ وذلك لأنّه إذا كان عدم العلم بالحكم المجعول قيدا في رفع الحكم المجعول فهذا يؤول إلى أنّ العلم بالحكم المجعول أخذ قيدا في ثبوت الحكم المجعول.
وإنّما قلنا باستلزامه لأخذ العلم بالحكم المجعول قيدا في الحكم المجعول ولم نقل أخذ العلم بالجعل قيدا في الجعل لأنّ المناسب للرفع هو الفعليّة والتي تقتضي التنجيز ، أمّا الحكم بمرتبة الجعل فلا يقتضي التنجيز ، فلا يكون رفعه امتنانا على الأمّة.
المعنى الثاني : إنّ المراد من الرفع هو نفي المسؤوليّة عن المكلّف تجاه التكاليف الواقعيّة في ظرف الجهل بها ، فيكون الرفع بهذا المعنى رفعا