الشرعيّة ؛ وذلك لأنّ البراءة الشرعيّة تعني نفي المسؤوليّة عن التكليف الواقعي في ظرف الشكّ وعدم العلم بالحكم الواقعي فهي تفترض ثبوت الحكم الواقعي على الجاهل إلاّ أنّها تنفي مسؤوليّته عن ذلك الحكم ، أي تثبت المعذوريّة للمكلّف لو اتفق مخالفته للحكم الواقعي الإلزامي ، وهذا يعني أنّ البراءة من الأحكام الظاهريّة التي أخذ في موضوعها الشك في الحكم الواقعي ، في حين أنّ الرفع بناء على هذا ليس حكما ظاهريا بل هو تقييد لأحكام الله الواقعيّة ، فهذا المعنى وإن كان يشترك مع البراءة الشرعيّة في كون المكلّف مطلق العنان في ظرف الجهل بالحكم الشرعي الواقعي إلاّ أنّه يختلف عن البراءة الشرعيّة التي يراد إثباتها.
والجواب عن استظهار هذا المعنى من الرواية :
هو أنّه يلزم منه أخذ العلم بالحكم في موضوع نفس ذلك الحكم أي يلزم منه تقييد الحكم بالعلم به وهو مستحيل للزومه الدور المحال كما بينا ذلك في محلّه.
فإن قلت : إنّ تقييد الحكم المجعول بالعلم بالجعل ليس مستحيلا لعدم لزومه الدور كما تقدّم بيان ذلك.
كان الجواب : إنّ تقييد الحكم المجعول بالعلم بالجعل وإن كان ممكنا إلاّ أنّه غير ظاهر من الرواية ؛ وذلك لأنّ الظاهر من الرواية هو اتّحاد المرفوع والمعلوم ، أي أنّ المرفوع بقوله « رفع » هو نفس غير المعلوم لا أنّ المرفوع شيء وغير المعلوم شيء آخر ، فقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « رفع ما لا يعلمون » ـ بناء على هذا المعنى ـ معناه مثلا أنّ فعليّة الحرمة غير المعلومة مرفوعة ، فالمرفوع هو نفس فعليّة الحرمة غير المعلومة لا أنّ المرفوع هو فعليّة