العقليّة أو هو الاحتياط العقلي؟
فهنا اتّجاهان ، اتّجاه يبني على أنّ الأصل العملي الأولي هو البراءة العقليّة والتي تعني أنّ المكلّف في سعة من جهة التكاليف الإلزاميّة الواقعيّة في حال عدم العلم بها.
ومبرّر هذه الدعوى هو ما يحكم به العقل من قبح العقاب بلا بيان ، وهذا يقتضي أنّ حقّ الطاعة للمولى جلّ وعلا مختص بحال العلم بالتكليف الإلزامي ، فما لم يكن المكلّف عالما بالتكليف فإنّه ليس للمولى أن يطالبه بامتثال ذلك التكليف ، فالمكلّف في سعة من جهة ذلك التكليف أي أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان تؤمن المكلّف من العقاب لو اتّفق مخالفته للحكم الواقعي الإلزامي المجهول ؛ وذلك لعدم اتّساع دائرة حقّ الطاعة للمولى لحالات الجهل المجامع للظنّ أو الاحتمال.
الاتّجاه الثاني :
وهو الذي يبني على أنّ الأصل العملي الأولي هو الاحتياط والاشتغال العقلي ، أي انّ المكلّف ملزم عقلا بالاحتياط في حالات الظنّ والاحتمال بالتكليف الإلزامي وأنّه لا يعذر في ترك التكليف الواقعي وإن كان ذلك التكليف مجهولا ، إذ يكفي في منجّزية التكليف الواقعي احتماله أو الظنّ بوجوده ، فالظنّ والاحتمال منجّزان للتكليف الواقعي عقلا ، نعم لا يكون المكلّف مسؤولا عن التكليف الواقعي لو كان يقطع بعدم وجود التكليف ؛ لأنّ القطع معذّر بذاته ـ كما تقدّم ـ.
وهذا الاتّجاه هو المعبّر عنه بمسلك حقّ الطاعة ، وهو يعني اتّساع دائرة حقّ الطاعة لحالات الظنّ والاحتمال ، فالمكلّف لا يكون مسؤولا عن التكاليف المعلومة فحسب بل عنها وعن التكاليف المحتملة والمظنونة ، نعم