نعم في غير واحد من الصحاح المعتبرة عندهم يرون عن أبي هريرة : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن بيع الغرر ، فإثبات أنّ المنهيّ هو مطلق الغرر مشكل.
فلا طريق إلى الحكم ببطلان المعاملة المشتملة على الشرط المجهول إلاّ أن تكون تلك المعاملة بيعا مع سراية جهل الشرط إلى نفس المعاملة ، إلاّ أن يكون دليل خاصّ من إجماع أو غيره على البطلان ، ولا يصحّ دعوى الإجماع في مسألتنا هذه على البطلان مع اختلاف الأقوال ، إذا كان الشرط من الأمور الخارجة عن العوضين.
فقال الشهيد قدسسره في الدروس فيما لو جعل الحمل جزءا للمبيع : الأقوى الصحّة ، لأنّه بمنزلة الاشتراط ولا يضرّ الجهالة (١).
ويظهر من هذه العبارة أنّ عدم بطلان المعاملة بالشرط المجهول أمر مفروغ عنه عنده. نعم إذا كان الشرط من أوصاف أحد العوضين وكان مجهولا ربما يدّعي اتّفاقهم على البطلان ، لصيرورة العوض بواسطة ذلك الشرط مجهولا.
فالأدلّة الدالّة على لزوم معلوميّة العوضين تدلّ على بطلان تلك المعاملة التي مشروطة بشرط مجهول يكون من أوصاف أحد العوضين.
والتحقيق في هذه المسألة أنّ المعاملة المشتملة على شرط مجهول ، إن سرت جهالة الشرط إلى نفس المعاملة بحيث صارت المعاملة بواسطة ذلك الشرط غرريّا ، فإنّه قد يكون ذلك وكان تلك المعاملة بيعا ، فتلك المعاملة باطلة قطعا ، وذلك لحديث « نهي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الغرر » والضعف منجبر بعمل الأصحاب وإن كانت غير بيع ، فيحتاج الحكم بالبطلان إلى دليل خاصّ ، من إجماع أو غيره.
وأمّا إن لم تسر الجهالة إلى نفس المعاملة ، فلا وجه لبطلان الشرط ، فضلا عن بطلان المعاملة ، إلاّ ما يدّعي من نهيه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن مطلق الغرر في البيع أو في غيره. وقد
__________________
(١) « الدروس الشرعية » ج ٣ ، ص ٢٤٦.