وتوضيح هذا الأمر ببيان أمور :
الأوّل : الفرق بين هذا الأمر والأمر الثاني هو أنّ المراد من كونه سائغا هناك هو أن يكون الشرط بمعنى ما التزم به جائزا شرعا ، أي لا يكون فعل حرام ، أو ترك واجب.
وهاهنا المراد من كونه غير مخالف للكتاب والسنّة ، أو كونه موافقا لهما هو أن لا يكون ما يلتزم به ويجعل على نفسه أو يلزم غيره به مخالفا للجعل الإلهي ، مثلا في الكتاب والسنّة جعل الولاء لمن أعتق ، فإلزام المشتري بأن يكون الولاء للبائع أو التزامه بذلك يكون على خلاف ما جعل في الكتاب ؛ لأنّ الشارع جعل هذا الحقّ للمعتق.
فجعله بواسطة الشرط لشخص آخر يكون على خلاف الكتاب ، أي أحكام الله المكتوبة على المكلّفين ، سواء أكانت بواسطة كتاب الله الكريم ، أو بواسطة السنّة النبويّة ، أو الروايات المرويّة عن الأئمّة الطاهرين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ وكذلك اشتراط رقّية حرّ ، أو توريث من لم يجعله الله وارثا.
فالالتزام بهذه الأمور مخالف للكتاب والسنّة ، أي لما هو المجعول فيهما. هكذا قيل.
ولكنّ الإنصاف أنّ الشرط الثاني مندرج في الشرط الرابع ، لأنّ اشتراط فعل محرّم أو ترك واجب يكون مخالفا للكتاب قطعا.
الثاني : في أنّ المستثنى من عموم هذه القاعدة هل هو عنوان المخالف للكتاب ، أو عنوان ما ليس في الكتاب ، أو يشترط نفوذ الشرط بأن يكون موافقا للكتاب؟ فإنّ هذه العناوين الثلاثة كلّها وردت في الروايات.
أقول : بعد الفراغ عن أنّ المراد بالكتاب ليس خصوص القرآن الكريم ، بل المراد منه كلّ ما كتب على المكلّفين من أحكام الدين ، سواء كان في القرآن الكريم ، أم في الأحاديث النبويّة المرويّة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم.