لا فرق بين أن يكون السبب المكرّر من سنخ واحد أو يكون من أسناخ متعدّدة ، فالتقابل بين التداخل وعدمه تقابل العدم والملكة ، هذا معنى التداخل وعدمه في الأسباب.
وأمّا المراد من التداخل وعدمه في المسبّبات :
أمّا الأوّل : أي التداخل في المسبّبات ، فهو عبارة عن كفاية مسبّب واحد عن أسباب متعدّدة ، مثلا كفاية وضوء واحد عن الأبوال المكرّرة ، أو كفايته عن البول والغائط والنوم. ولا فرق في تداخل المسبّبات أيضا بين أن تكون أسبابها المتعدّدة من سنخ واحد ، أو من أسناخ متعدّدة.
وما ذكرنا في معنى التداخل وعدمه مضافا إلى أنّ المراد منهما عند الفقهاء هو هذا المعني ، ونحن في مقام شرح قاعدة فقهيّة ، فلا بدّ وأن نتكلّم فيها على وفق مرادهم منها موافق لما هو ظاهر لفظ التداخل وعدمه ، إذ التداخل مصدر باب تفاعل من « دخل » فيكون معناه حسب اللغة والمتفاهم العرفي دخول كلّ واحد من الشيئين في الآخر بحيث يتّحدان من حيث المكان والحيّز إذا كانا جسمين ، ومن حيث التأثير إذا كانا سببين ، ومن حيث التأثّر إذا كانا مسبّبين ، وهكذا.
ولذا قالوا : الضرورة قضت ببطلان الطفرة والتداخل ، أي تداخل الجسمين بحيث يكون لهما حيّز واحد.
فبناء على هذا المعنى المذكور يكون تداخل الأسباب في عالم السببيّة عبارة عن اتّحاد الأسباب في عالم التأثير ، أي يكون لجميعها تأثير واحد ، كما أنّه لو فرض أنّ جميعها سبب واحد ، ومثل هذا المعني في العلل التامّة التكوينيّة غير ممكن ، بل لا بدّ من أن يرجع إلى كون المجموع سببا واحدا ، وكلّ واحد منها جزء السبب.
وهذا إذا وجد المجموع دفعة واحدة ، وإلاّ لو كان وجودها تدريجيّا وعلى الترتيب ، فإن كان المسبّب قابلا للتكرار فيتكرّر ، وإلاّ يكون السبب الثاني بلا أثر ، لأنّ