وأيضا ظاهر قوله عليهالسلام « ألزموهم » أنّ المخاطب بهذا الخطاب هم الطائفة الإماميّة الاثني عشريّة ، فلا يشمل المخالفين بعضهم بالنسبة إلى بعض إن كانت طائفة منهم ترى صحّة معاملة وترى الأخرى فسادها ، فيلزم إحديهما الأخرى بما يدين وإن كان في نظرهم عدم صحّة تلك المعاملة.
مثلا لو أعار من لا يدين بمذهب مالك مالكيّا ما يمكن إخفاؤه ، كثوب حيث يمكن وضعه في صندوق وإخفاؤه فتلف ، فمذهب المستعير أنّ التلف في مثل هذه العارية موجب للضمان ، ومذهب المعير أنّه ليس في هذا التلف ضمان ، فهل يمكن إلزام المعير للمستعير بأخذ الضمان منه بهذه القاعدة أم لا؟ الظاهر هو العدم ، لما ذكرنا من أنّ المخاطب هم الطائفة الإماميّة ، ولا يشمل الحديث سائر الطوائف.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذا الحديث وإن كان لا يشمل إلزام المخالف للمخالف وإن كان ما يريد إلزامه به مخالفا لما يدين به ، فضلا عمّا إذا كان موافقا معه ، لما ذكرنا أنّ ظاهر الحديث أنّ ضمير الخطاب المقدّر في قوله عليهالسلام « ألزموهم » مرجعه الطائفة الإماميّة.
ولكن هناك روايات أخر مفادها عامّ ولا يختصّ بالإماميّة ، مثل رواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « يجوز على أهل كلّ ذي دين ما يستحلّون » (١).
فبناء على ما استظهرنا منها من أنّ ظاهرها عبارة عن نفوذ كلّ ما يستحلّون عليهم ، فلو كان أحد المخالفين يعتقد فساد المعاملة التي وقعت بينهما ، والآخر يعتقد صحّتها ، ومضت على تلك المعاملة أعوام ، فالذي يعتقد فساد المعاملة يعتقد أنّ نتاج ما حصل في يده ومنافعه ملك لطرفه لفساد المعاملة ، فلو أنتجت مثلا هذه البقرة أو هذه الفرس بقرات أو أفراس ، فحيث يعتقد بفساد هذه المعاملة ـ اجتهادا أو تقليدا ـ
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٨٠ ، رقم (٣).