ثم عاد وسجنه بعد ذلك بحجة أنه كان يجبى إليه الخراج ، ثم يدس إليه السم ، ويتخلص منه ، وذلك هو مصير اكثر الائمة على يد الخلفاء قبله وبعده ..
وأما في زمن المأمون : فقد كان الأمر أعظم ، وأمر ، وأدهى ؛ حيث قد شملت الثورات والفتن الكثير من الولايات والأمصار ، حتى لم يعد يعرف المأمون من أين يبدأ ، ولا كيف يعالج. وأصبح يرى ، ويؤلمه أن يرى مصيره ، ومصير خلافته في مهب الريح ، تتقاذفه الانواء ، ويضرى به الإعصار.
وكان ذلك بطبيعة الحال يزيد من رعب العباسيين ، ويضاعف من مخاوفهم .. لا سيما بملاحظة أنهم كانوا يعيشون عقدة الحقارة والمهانة ..
يقول أبو فراس مشيرا إلى ذلك :
ثم ادعاها بنو
العباس ملكهم |
|
ومالهم قد فيها
ولا قدم |
لا يذكرون إذا
ما معشر ذكروا |
|
ولا يحكم في أمر
لهم حكم |
ولا رآهم أبو
بكر وصاحبه |
|
اهلا لما طلبوا
منها وما زعموا |
فهل هم يدعوها
غير واجبة |
|
أم هل أئمتهم في
أخذها ظلموا |
وقد كتب ابو مسلم للمنصور ، من جملة رسالة له : « .. وأظهركم الله بعد الاخفاء ، والحقارة والذل ، ثم استنقذني بالتوبة الخ (١) .. ».
__________________
(١) البداية والنهاية ج ١٠ ص ٦٤. وغيره.