وما يهمنا هنا هو البيت الأخير ، أما ما قبله ، فلا نملك إلا أن نقول : « أهل البيت أدرى بالذي فيه .. » ..
وعلى كل حال .. فإننا لا نستغرب على المأمون صفة الظلم والعسف والجور .. بعد أن رأينا أنه عند ما عرضت عليه سيرة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي (ع) ، يأبى أن يأخذ بها جميعا ، لأنه كان يجد في آخر كل منها : أنهم كانوا يأخذون الأموال من وجوهها ، ويضعونها في حقوقها. لكنه قبل سيرة معاوية ، الذي أراد الاعلان ببراءة الذمة ممن يذكره بخير ؛ لأن في آخرها يقول : إنه كان يأخذ الأموال من وجوهها ، ويضعها كيف شاء .. ، وقال المأمون حينئذ : « إن كان فهذا (١) »!! وفي رسالة عبد الله بن موسى للمأمون نفسه ما فيه الكفاية فلتراجع في أواخر هذا الكتاب.
وهكذا .. فإن المأمون كان يحسب أنه إذا قتل أخاه ، وتخلص من من أشياعه ومساعديه ، وبعد أن تؤتي الحملة الدعائية ضدهم ثمارها ـ كان يحسب ويقدر ـ أن الطريق يكون قد مهد له للاستقرار في الحكم ، وأنه سوف يستطيع بعد هذا أن يطمئن ، وينام قرير العين.
ولكن فأله قد خاب ، وانقلبت ماجريات الامور في غير صالحه ؛ فإن الايرانيين قد : « انفضوا بعد الحرب الأهلية المفجعة بين الأمين والمأمون ، عن
__________________
(١) المحاسن والمساوي للبيهقي ص ٤٩٥.