خراسان (١) .. ».
ب : يلاحظ أن العباسيين قد موهوا على الناس ، واستطاعوا أن يخدعوهم ، حيث خيلوا لهم في بادئ الأمر أن الثورة كانت للعلويين .. ثم بدءوا يعدون العدة لما سوف يقولون للناس عند اكتشافهم لحقيقة الأمر ؛ فصنعوا سلسلة الوصاية المعروفة عنهم من علي بن أبي طالب ، إلى محمد ابن الحنفية ، فإلى أبي هاشم ، فإلى علي بن عبد الله بن العباس .. وهكذا .. وهي في الحقيقة نفس عقيدة الكيسانية ، كما سنشير إليها في بعض الهوامش الآتية.
وقد جازت حيلتهم هذه على الناس ، الذين كانوا يظنون أنهم يعملون للعلويين (٢) ، حتى لقد خفي أمرهم عن عبد الله بن معاوية حسما قدمنا ، بل لقد كان من جملة المخدوعين ، الذين اكتشفوا الحقيقة بعد فوات الأوان ، سليمان الخزاعي ، الذي تقدم أنه ـ باعترافه ـ كان يرجو هذا الأمر للعلويين ، وأبو مسلم الخراساني الذي صارح المنصور بأن السفاح كان قد خدعه .. وأنه خدع أيضا من قبل ابراهيم الإمام ، حيث ادعيا الوصاية والامامة ، وحرفا الآيات الواردة في أهل البيت لتنطبق عليهم ، مما كان من نتيجته أن زوى الأمر عن أهله ، ووضعه
__________________
(١) طبيعة الدعوة العباسية ص ٢٠٩ .. ولقد اشتبه الأمر على الدكتور فاروق عمر ؛ فان ابن الكرماني كان من عمال الامويين ، ولم يكن من الشيعة في أي وقت من الأوقات ، وانما استماله أبو مسلم توطئة للغدر به .. ولم يكن أبو مسلم ولا غيره من الدعاة والنقباء ليصرحوا لعدوهم بمثل هذا الأمر الذي يخفونه عن أخص الناس بهم ، بل حتى عمن هم مثل المنصور.
(٢) امبراطورية العرب ص ٢٠٦ ، وغير ذلك كثير ..