إلى آخر ما هنالك مما يدل على كرههم ، وحقدهم على الائمة (ع) ، أو بالاخرى حسدهم لهم ..
والمأمون .. كان يعلم بذلك كله ، ويدركه كل الإدراك ، ولهذا فإننا لا نستبعد أنه ـ وهو الداهية الدهياء ـ قد أراد أيضا في جملة ما أراد : أن يوقع الفتنة بين آل علي أنفسهم. أي : بين الأئمة ، والمتشيعين لهم ، وبين الزيدية ، ويقف هو في موقف المتفرج المتربص ، حتى إذا أضعف كل واحد من الفريقين الفريق الآخر ، ولم يعد فيهما بقية .. انقض هو عليهما ، وقضى عليهما بأهون سبيل ..
بل إن بعض الباحثين يرى : أنه أراد من لعبته هذه : « .. ضربا للثائرين العلويين من إخوة علي بن موسى بأخيهم (١) .. ».
ولو اننا استبعدنا كل ذلك ، فلا أقل ـ كما قلنا ـ من أن حجته أصبحت قوية على الزيدية ، وعلى كل من يدعو إلى « الرضا من آل محمد » ، ولم يعد يخشى أحدا منهم ، بعد أن أصبح « الرضا من آل محمد موجودا ..
كما أنه ببيعته للامام الرضا (ع) بولاية العهد ، وقبول الإمام (ع) بذلك .. يكون قد حصل على اعتراف من العلويين ، على أعلى مستوى بشرعية الخلافة العباسية ، ولقد صرح المأمون بأن ذلك كان من جملة أهدافه ، حيث قال : « .. فأردنا أن نجعله ولي عهدنا ، ليكون دعاؤه لنا ، وليعترف بالملك والخلافة لنا .. » وسنتكلم حول تصريحات المأمون
__________________
(١) هو الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتابه : الصلة بين التصوف والتشيع ص ٢١٩.