الصدام بينه وبين أخيه ، لتجميع صفوفهم ، ومضاعفة نشاطاتهم ، فلسوف تكتمل أمامنا ملامح الصورة لحقيقة الوضع والظروف ، التي كان يعاني منها المأمون ، ونظام حكمه آنذاك .. سيما ونحن نراه في مواجهة تلك الثورات العارمة ، وبالأخص ثورات العلويين أقوى خصوم الدولة العباسية ، والتي كانت تظهر من كل جانب ومكان ، وكل ناحية من نواحي مملكته ..
فأبو السّرايا ـ الذي كان يوما ما من حزب المأمون (١) ـ خرج بالكوفة. وكان هو وأتباعه لا يلقون جيشا إلا هزموه ، ولا يتوجهون إلى بلدة إلا دخلوها (٢).
ويقال : إنه قد قتل من أصحاب السلطان ، في حرب أبي السرايا فقط ، مائتا ألف رجل ، مع أن مدته من يوم خروجه إلى يوم ضربت عنقه لم تزد على العشرة أشهر (٣).
وحتى البصرة ، معقل العثمانية (٤) ، قد أيدت العلويين ، ونصرتهم ؛
__________________
(١) ففي الطبري ج ١٠ ص ٢٣٦ ، وتاريخ ابن خلدون ج ٣ ص ٢٤٥ ، والكامل لابن الأثير ج ٥ ص ١٧٩ ، طبعة ثالثة : أن المأمون قال لهرثمة : « مالأت أهل الكوفة ، والعلويين ، وداهنت ، ودسست إلى أبي السرايا ، حتى خرج ، وعمل ما عمل ، وكان رجلا من أصحابك إلخ .. ». واتهام هرثمة بهذا مهم فيما نحن فيه أيضا.
(٢) ضحى الاسلام ج ٣ ص ٢٩٤ ، ومقاتل الطالبيين ص ٥٣٥.
(٣) مقاتل الطالبيين ص ٥٥٠ ، والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٣٤٥.
(٤) الصلة بين التصوف والتشيع ص ١٧٣ ، وسيأتي كلام محمد بن علي العباسي ، المتعلق بهذا الموضوع ، عن قريب ..