فقد ظل دعاة العباسيين يؤكدون لهم أنهم يعملون لحساب : أهل البيت. وحتى ذلك الوقت كان العباسيون يظهرون الولاء التام لبني فاطمة ، ويخلعون على حركتهم ، وعلى سياساتهم مظهر الوصول إلى هدف ضمان العدالة ، والحق لأحفاد محمد .. وكان ممثلوا أهل البيت ، ومحبوهم ، لا يخامرهم الشك في الغدر ، الذي تبطنه هذه الاعترافات من العباسيين ؛ فشملوا محمد بن علي ، وجماعته بعطفهم وحمايتهم ، الذين كانوا في حاجة إليهما .. » (١).
ويقول : « .. وكانت كلمة : « أهل البيت » هي السحر الذي يؤلف بين قلوب مختلف طبقات الشعب ، ويجمعهم حول الراية السوداء .. » (٢).
ثم تأتي المرحلة الثالثة ، ويتقلص ظل العلويين ، وأهل البيت عن هذه الدعوة ، أكثر فأكثر ، كلما ازدادت قوتها ، واتسع نفوذها ، حيث رأينا أخيرا انها اتسعت بحيث تستطيع أن تشمل العباسيين أيضا مع العلويين. حيث أصبحت إلى : « الرضا من آل محمد » ، وإن كانوا لا يزالون يذكرون فضل علي ، وما لحق ولده من القتل والتشريد ، كما يتضح بأدنى مراجعة لكتب التاريخ ..
وهذه العبارة ، وإن كانت لا تختلف كثيرا عن عبارة : « العترة ، وأهل البيت » ، ونحوها .. إلا أنها كانت في أذهان العامة أبعد من أن يراد بها العلويون على الخصوص .. ولكن مع ذلك بقيت الجماهير
__________________
(١) و (٢) روح الاسلام ص ٣٠٦ و ٣٠٨. ولا بأس بمراجعة ما ورد في كتاب الامام الصادق والمذاهب الأربعة ج ١ جزء ٢ ص ٥٣٢. والسيادة العربية والشيعة والإسرائيليات ص ٩٤. وامبراطورية العرب ص ٤٠٦ ، وطبيعة الدعوة العباسية ، وغير ذلك.