العباس ـ رفض. وهذا يدل دلالة واضحة : على أن بغداد ، معقل العباسيين الأول ، كانت تتعاطف مع العلويين إلى درجة كبيرة ..
بل ونص المؤرخون ، على أن : ابراهيم بن المهدي ، المعروف بابن شكلة ، الذي بويع له في بغداد غضبا من تولية الرضا للعهد : لم يستطع أن يسيطر إلا على بغداد ، والكوفة والسواد (١) ، بل وحتى الكوفة قد استمرت الحرب قائمة فيها على ساق وقدم أشهرا عديدة بين أنصار المأمون ، وعليهم الخضرة ، وأنصار العباسيين وعليهم السواد (٢).
وثانيا : وأما الايرانيون عامة ، والخراسانيون خاصة ، والمعروفون بتشيعهم للعلويين ؛ فقد ضمن المأمون استمرار تأييدهم له ، وثقتهم به ؛ بعد أن حقق لهم غاية أمانيهم ، وأغلى أحلامهم ، وأثبت لهم عملا ، حبه لمن يحبون ، وودّه لمن يودّون .. وأن لا ميزة عنده لعباسي على غيره ، ولا لعربي على غيره ، وأن الذي يسعى إليه ، هو ـ فقط خير الامة ، ومصلحتها ؛ بجميع فئاتها ، ومختلف طبقاتها ، وأجناسها ..
إن من الجدير بالملاحظة هنا : أن الرضا (ع) كان قد قدم إلى إيران قبل ذلك. والظاهر أنه قدمها في حدود سنة ١٩٣ ه. ، أي في الوقت المناسب لوفاة الرشيد ؛ فقد ذكر الرضي المعاصر للمجلسي في كتابه : ضيافة الإخوان : أن عليا الرضا (ع) كان مستخفيا في قزوين في دار داود بن سليمان الغازي أبي عبد الله ، ولداود نسخة يرويها عن الرضا (ع) ، وأهل قزوين يروونها عن داود ، كاسحاق بن محمد ،
__________________
(١) راجع البداية والنهاية ج ١٠ / ٢٤٨ ، وغيره من كتب التاريخ. وزاد أحمد شلبي في كتابه : التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ج ٣ / ١٠٥ ـ زاد على ذلك : المدائن أيضا.
(٢) راجع : الكامل لابن الأثير ج ٥ / ١٩٠ ، والبداية والنهاية ج ١٠ / ٢٤٨ ، وغير ذلك.
(٣) راجع كتاب : ضيافة الاخوان مخطوط في مكتبة المدرسة الفيضية في قم ، في ترجمة أبي عبد الله القزويني ، وعلي بن مهرويه القزويني.