الله لما برى
خلقا فأتقنه |
|
صفّاكم واصطفاكم
أيها البشر |
فأنتم الملأ
الأعلى وعندكم |
|
علم الكتاب وما
جاءت به السور (١) |
هذه الأبيات التي سارت بها الركبان ، والتي هي تعبير صادق عن هذه الحقيقة التي أشرنا إليها ، والتي كانت تقض على المأمون وكل أسلافه وأتباعه مضاجعهم ، وتنغص عليهم حياتهم .. وعليه :
وإذا استطاع المأمون أن يظهر للملإ أن الإمام (ع) صفر اليدين مما يدعيه ، ويدعيه آباؤه من قبل ، فإنه يكون قد قضى على المصدر الأول والأساس لكل المشاكل ، والاخطار ، وينهار المذهب الشيعي حينئذ بانهيار فكرة الامامة فيه ، التي هي المحور ، والاساس له ، ويتحقق من ثم ـ حلمه الكبير ، الذي طالما جهد وشقي من أجل تحقيقه.
وأعتقد : أنه لو كان تم له ما أراد ، فلسوف لا يتعرض بعد هذا للامام (ع) بسوء ، وأنه كان سوف يبقي على حياته (ع) إبقاء لحجته ، وأنه خال من شرائط الإمامة ، وليأفل من ثم .. نجمه ، ونجم العلويين من بعده .. وإلى الأبد ..
__________________
(١) شهرة هذه الأبيات تغنينا عن ذكر مصادرها ، وقد أعطاه عليهالسلام ما كان معه ، وهو مائة دينار ، والبغلة التي كان يركبها .. لكن بعض الباحثين يرى أن أبا نؤاس لم يعش إلى زمان تولي الرضا العهد ، بل مات قبل ذلك بثلاث سنوات أي في سنة ١٩٨ ه. ومن ثم هو ينكر الحادثة الاخرى ، التي تقول : إن البعض لام أبا نؤاس حيث لم يمدح الامام عليهالسلام ، فقال أبياته المشهورة : « قيل لي أنت أشعر الناس طرا في فنون إلخ .. ».
ولكن الظاهر أن هذا الباحث لم يطلع على عبارة ابن خلكان في وفيات الأعيان ، طبع سنة ١٣١٠ ج ١ ص ٤٥٧ ؛ فانه قال : « وفيه ( أي في الرضا عليهالسلام ) يقول أيضا ـ وله ذكر في شذور العقود سنة احدى أو اثنتين ومائتين ـ : مطهرون نقيات إلخ .. ».
بل يكفي دلالة على أنه عاش إلى ما بعد ولاية العهد ذكر هذه الأبيات ، وتلك له والنص على أنه قد قالها فيه عليهالسلام ..