يعلم أن المأمون يريد عقد البيعة له إلا بعد وصوله إلى خراسان واحضار المأمون له ، واعلامه بأنه يريد عقد البيعة له على ما في مقاتل الطالبيين ص ٥٦٢ والطبري وغيرهما. وإن كان ربما يناقش في ذلك بمنافاته لرسالة الفضل التي ارسلها إلى الإمام وهو في المدينة والتي أوردها الرافعي في التدوين.
وذلك ما يقوي أنه كان متآمرا على الإمام مع المأمون كما نصت عليه تلك الرسالة بأن ذلك عن اتفاق بينه وبين المأمون فراجعها.
ولو أنه كان ممن يتشيع للإمام (ع) ، فكيف يمكن أن يتآمر عليه ، ويحاول أن يجعل للمأمون ذريعة للاقدام على التخلص منه (ع) ، وذلك عند ما ذهب إلى الرضا ، وحلف له بأغلظ الأيمان ، ثم عرض عليه قتل المأمون ، وجعل الأمر إليه. (١)
لكن الإمام بسبب وعيه وتيقظه قد ضيع عليه وعلى سيده هذه الفرصة ، حيث أدرك للتوّ أنها دسيسة ومؤامرة ، فزجر الفضل وطرده ، ثم دخل من فوره على المأمون ، وأخبره بما كان من الفضل ، وأوصاه أن لا يأمن له ..
وبذلك يكون الإمام (ع) قد ضيع على المأمون والفضل فرصة تنظيم اتهام له بما لم يكن ـ كما أنه يكون قد شكك المأمون في اخلاص الفضل له.
وعاد الفضل من مهمته تلك بخفي حنين ، يجر هو وسيده أذيال الخيبة ، والخزي ، والخسران ..
أما إذا كان الفضل قد أقدم على ذلك من دون علم المأمون ـ كما
__________________
(١) وان كنا لا نستبعد أن يكون قد أقدم على ذلك من دون علم المأمون ؛ وبدافع من حقده الدفين على الامام عليهالسلام ، وحسده له ؛ يريد بذلك تمهيد السبيل لقتله ؛ ليخلو له الجو ، وليفعل من ثم ما يشاء وحسبما يريد.