بل كان « لا ينفذ للمهدي كتاب إلى عامل ؛ فيجوز ، حتى يكتب يعقوب إلى أمينه وثقته بانفاذه .. » (١).
وقد بلغ من نفوذ يعقوب هذا .. أن قال فيه بشار بن برد أبياته المشهورة ، التي قدمناها ، والتي يقول فيها : « إن الخليفة يعقوب ابن داود ».
وقد سعي بيعقوب هذا إلى المهدي : وقيل له : « .. إن الشرق والغرب في يد يعقوب ، وأصحابه ؛ وإنما يكفيه أن يكتب إليهم ؛ فيثوروا في يوم واحد ؛ فيأخذوا الدنيا .. » (٢).
وذلك لأنه قد : « أرسل يعقوب هذا إلى الزيدية ، وأتى بهم من كل أوب ، وولاهم من امور الخلافة في المشرق والمغرب كل جليل ، وعمل نفيس ، والدنيا كلها في يديه .. » (٣).
وإذا ما عرفنا أن معاوني يعقوب إنما كانوا هم : متفقهة الكوفة ، والبصرة ، وأهل الشام (٤) .. فإننا نعرف أن الاتجاه الزيدي سوف يؤثر كثيرا ، وكثيرا جدا على الثقافة العامة ، والاتجاهات الفكرية في ذلك العصر ـ كما حدث ذلك فعلا .. حتى لقد صرح ابن النديم بأن : « أكثر علماء المحدثين إلا قليلا منهم ، وكذلك قوم من الفقهاء ، مثل : سفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة كانوا من الشيعة الزيدية .. » (٥).
وقد صرح المؤرخون أيضا : بأن أصحاب الحديث جميعهم ، قد
__________________
(١) الطبري ج ١٠ / ٤٨٦ ، والكامل لابن الأثير ج ٥ / ٦٠ ، ومرآة الجنان ج ١ / ٤١٨.
(٢) الكامل لابن الأثير ج ٥ / ٦٦ ، ٦٧.
(٣) الطبري ج ١٠ / ٥٠٨ ، طبع ليدن ، والوزراء والكتاب للجهشياري ص ١٥٨ ، والكامل لابن الأثير ج ٥ / ٦٦.
(٤) الطبري ، طبع ليدن ج ١٠ / ٤٨٦.
(٥) الفهرست لابن النديم ص ٢٥٣.