قال الأول : لو كانت بيّنة المدّعى من لا يعرف الحاكم عدالتها ، فرّق بينهم ، ويسمع من غير محضر المدّعى عليه ، ثم سأله عنهما ، فإن زكّاهما عليه أنفذ القاضي الشهادة عليه ، وإن جرح المطلوب الشاهدين سأل القاضي في السرّ والعلانية ، وقال لمدّعي الجرح : ثبّت جرحك ، وأنفذ القاضي نفسين بالمسألة ، فإن عدلت البيّنة ولم يثبت المدّعى عليه جرحه أنفذ الحاكم عليه ، وإن رجع مَن وجّه الحاكم لا بجرحٍ ولا تعديل كانت الشهادة ساقطة (١). انتهى.
وقال الثاني : إذا شهد عند الحاكم من لا يخبر حاله ولم تتقدّم معرفته ، وكان الشاهد على ظاهر العدالة ، كتب شهادته ثم ختم عليها ، ولم ينفذ الحكم بها حتى يثبت أمره ويتعرّف أحواله ، فإن عرف له ما يوجب جرحه أو التوقّف في شهادته لم يمض الحكم بها ، وإن لم يعرف شيئاً ينافي عدالته وإيجاب الحكم لم يتوقّف (٢). انتهى.
وقال الثالث : إذا شهد عند الحاكم شاهدان يعرف إسلامهما ولا يُعرَف منهما جرحٌ حكم بشهادتهما ، ولا يقف على البحث ، إلاّ أن يجرح المحكوم عليه ، فحينئذٍ يجب عليه البحث ، وبه قال أبو حنيفة في الأموال والنكاح والطلاق والنسب ، وإن كانت في قصاصٍ أو حدٍّ لا يحكم حتى يبحث عن عدالتهما ، ومنع الشافعي وأبو يوسف ومحمّد من الحكم حتى يبحث عنهما.
دليلنا : إجماع الفرقة وأخبارهم ، وأيضاً الأصل في المسلم العدالة ، والفسق طارٍ عليه ، وأيضاً يعلم أنّه ما كان البحث في أيّام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
__________________
(١) حكاه عنه في المختلف : ٧٠٥ وفيه : .. وإن رجع اللذان وجّه بهما الحاكم بجرحٍ وتعديل كانت الشهادة ساقطة.
(٢) المقنعة : ٧٣٠.