مني عنك ، فان الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه ، وحمدنا مكانه لادخال في من نحبه ونقربه ويرمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا ، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ، ويحمدون كل من عبناه نحن ، فانما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا ، وبميلك إلينا ، وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر بمودتك لنا ، ولميلك إلينا فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ، ويكون بذلك منا دافع شرهم عنك ، يقول الله عز وجل : ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ) هذا التنزيل من عند الله صالحة ، لا والله ما عابها إلا لكي تسلم من الملك ، ولا تعطب على يديه ، ولقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مسلغ والحمد لله ، فافهم المثل يرحمك الله ، فانك والله أحب الناس إلي وأحب أصحاب أبي حيا وميتا ، فانك أفضل سفن البحر ، القمقام الزاخر ، وإن من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذها غصبا ، ثم يغصبها وأهلها ، ورحمة الله عليك حيا ، ورحمته ورضوانه عليك ميتا ... » (١).
وكشف هذا الحديث عما عانته الشيعة من الخطوب السود في تلك الأدوار المظلمة من حكم الأمويين ، فان من عرف بالانقطاع لأهل البيت (ع) والولاء لهم تعرض لنقمة السلطان وغضبه ، وقد التجأ الأئمة الطاهرون إلى سب الأعلام من شيعتهم وانتقاصهم ليصرفوا عنهم السوء والتنكيل.
__________________
(١) الكشي.