أما الحديث عن عصر الامام أبي جعفر (ع) وذكر الأحداث البارزة التي جرت فيه ، فانه ـ حسب الدراسات الحديثة ـ يعد من البحوث المنهجية التي لا غنى للباحث عنها ، فان دراسة العصر لها أشد التأثير في الكشف عن سلوك الشخص الذي يبحث عنه ، والوقوف على مكوناته الفكرية والاجتماعية ، فلم تكن اذن هذه الدراسة مما لا صلة لها بالموضوع وإنما هي داخلة في صميمه ، وجزء لا يتجزا منه.
لقد كان عصر الامام (ع) من أدق العصور الاسلامية ، وأكثرها حساسية فقد نشأت فيه الكثير من الفرق الاسلامية التي كانت من أخطر الظواهر الفكرية والاجتماعية في ذلك العصر ، كما تصارعت فيه الأحزاب السياسية كأشد ما يكون التصارع مما أدى إلى وقف المد الاسلامي ، والانحراف عن مجراه إلى مجرى آخر ليس فيه أي بصيص من النور والوعي.
وعلى أي حال فانا نبحث عن جميع مظاهر الحياة في ذلك العصر ، ولا نترك أي جانب منها ، وفيما يلي ذلك :
ونشأت في ذلك العصر كثير من الفرق الاسلامية ، وقد كان بعضها ـ فيما يقول المحققون ـ قد أنشئ بايعاز من الدولة الأموية أو بمساندتها لأسباب كان من أهمها مساندة الحكم الأموي ، وتبرير مواقفه واتجاهاته ، ونعرض ـ بايجاز ـ لدراسة بعض تلك الفرق رائدنا الاخلاص للحق مهما استطعنا إليه سبيلا.