ـ لم تره الأبصار بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ، لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، معروف بالآيات منعوت بالعلامات ، لا يجور في قضيته ، بان من الأشياء ، وبانت الأشياء منه ، ليس كمثله شيء ذلك الله لا إله إلا هو.
وأبطل الامام (ع) شبهات الرجل وفند أوهامه ، وقد بنى كلامه (ع) على الواقع المشرق من جوانب التوحيد ، وبهر الرجل من كلام الامام وراح يقول : « ( اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ) فيمن يشاء » (١).
وقد انتشر الحديث عن ذات الله تعالى وأنها هل هي بسيطة أو مركبة وقد نهى الامام (ع) عن الخوض في ذلك ، وله بحوث كثيرة تتعلق في التوحيد ذكرناها في الجزء الأول من هذا الكتاب.
روى محمد بن عطية أن رجلا من أهل الشام وفد على الامام أبي جعفر (ع) فقال له : إن عندي مسألة كلما سألت عنها العلماء عجزوا عن الاجابة عنها ، فقال له الامام :
« ما هي؟ »
الشامي : سؤالي عن أول ما خلق الله؟ فأجابني بعض بالقدر ، وبعض بالقلم ، وآخر بالروح.
فقال الامام (ع) : لم يصل القوم إلى الصواب ، أخبرك أن الله تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره ، وكان عزيزا ولا أحد كان قبل عزه ، وذلك
__________________
(١) تأريخ دمشق ٥١ / ٤٥ ، زهر الآداب ١ / ١١٦.