______________________________________________________
والثانية رواها ابن بابويه في كتابه مرسلا ، قال ، قال رجل للصادق عليهالسلام : إني أكون في السفر ولا أهتدي إلى القبلة بالليل ، قال : « أتعرف الكوكب الذي يقال له جدي؟ » قلت : نعم ، قال : « اجعله على يمينك ، وإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين كتفيك » (١) وهما مؤيدتان لما ذكرناه.
وقد ذكر الأصحاب لأهل العراق ثلاث علامات :
الأولى : جعل الفجر أي المشرق على المنكب الأيسر ، والمغرب على الأيمن. والظاهر أنّ المراد بهما الاعتداليان ، لعدم انضباط ما عداهما (٢). والمنكب مجمع العضد والكتف.
الثانية : جعل الجدي بحذاء المنكب الأيمن. والجدي مكبر ، وربما صغر ليتميز عن البرج ، وهو نجم مضيء يدور مع الفرقدين حول قطب العالم الشمالي. والقطب نقطة موهومة يقابلها مثلها من الجنوب.
قال الشارح قدسسره : وأقرب الكواكب إليها نجم خفي لا يكاد يدركه إلاّ حديد البصر ، يدور حولها كل يوم وليلة دورة لطيفة لا تكاد يدرك ، ويطلق على هذا النجم القطب مجازا لمجاورته القطب الحقيقي ، وهو علامة لقبلة العراقي إذا جعله المصلي خلف منكبه الأيمن ، ويخلفه الجدي في العلامة إذا كان في غاية الارتفاع أو الانخفاض ، وإنما اشترط ذلك لكونه في تلك الحال على دائرة نصف النهار وهي مارة بالقطبين وبنقطة الجنوب والشمال ، فإذا كان القطب مسامتا لعضو من المصلي كان الجدي مسامتا له ، لكونهما على دائرة واحدة ، بخلاف ما لو كان منحرفا نحو المشرق والمغرب (٣).
قلت : ما ذكره ـ رحمهالله ـ مشهور بين الأصحاب ، وممن صرح به :
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٨١ ـ ٨٦٠ ، الوسائل ٣ : ٢٢٢ أبواب القبلة ب ٥ ح ٢.
(٢) الجواهر ٧ : ٣٦١. لشدة التفاوت فيهما باختلاف الفصول المقتضي لعدم كون العلامة مطلق المشرق والمغرب ، ولو كان كل منهما من فصل تفاوت ذلك أشد تفاوت.
(٣) المسالك ١ : ٢٢.