الشائعة العظيمة الضرر ، وإنّما قصد أصحابها الإغراب ، لأنّ النفوس مائلة إلى الغريب ، ومستلّذة له ، وبهذا الطريق توصّل الباطنية إلى هدم جميع الشريعة بتأويل ظواهرها وتنزيلها على رأيهم ... » (١).
وقال ابن قيّم الجوزيّة : « إذا سئل عن تفسير آية من كتاب الله وسنّة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه وسلّم فليس أن يخرجها عن ظاهرها بوجوه التأويلات الفاسدة الموافقة نحلته وهواه ، ومن فعل ذلك استحق المنع من الإفتاء والحجر عليه ، وهذا الذي ذكرناه هو الذي صرح به أئمة الكلام قديما وحديثا » (٢).
قال : « وقال بعض أهل العلم : كيف لا يخشى الكذب على الله ورسوله من يحمل كلامه على التأويلات المستنكرة والمجازات المستكرهة التي هي بالألغاز والأحاجي أولى منها بالبيان والهداية؟ وهل يأمن على نفسه أن يكون ممن قال الله فيهم : ( وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ )؟ ...
ويكفي المتأوّلين كلام الله ورسوله بالتأويلات التي لم يردها ولم يدل عليها كلامه أنهم قالوا برأيهم على الله ، وقدّموا آراءهم على نصوص الوحي ، وجعلوا آراءهم عيارا على كلام الله ورسوله؟ ولو علموا علموا أيّ باب شرّ فتحوا على الامّة بالتأويلات الفاسدة ، وأيّ بناء الإسلام هدموا بها ، وأيّ معاقل وحصون استباحوها ، وكان أحدهم لأن يخرّ من السماء إلى الأرض أحبّ إليه من أن يتعاطى شيئا من ذلك ... » (٣).
وقال محمّد معين السندي : « ومن أشنع ما يخرجون كلام الشارع ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ عن الحقيقة والمجاز ، ويفتحون فيه باب التأويل ، فهو فعلهم ذلك إذا حملهم عليه نصرة إمامهم على غيره من الأئمة ،
__________________
(١) إحياء علوم الدين ١ / ٣٧.
(٢) أعلام الموقعين ٤ / ٢٤٥.
(٣) أعلام الموقعين ٤ / ٢٤٩.