والتاريخيّة ... ومن ذلك ... ما في ذيل « حديث الاقتداء » نفسه في بعض طرقه ... وهذا ما نتكلّم عليه بإيجاز ... ليظهر لك أنّ هذا الحديث ـ لو كان صادرا ـ ليس حديثا واحدا ، بل أحاديث متعدّدة صدر كلّ منها في مورد خاصّ لا علاقة له بغيره ...
لقد جاء في بعض طرق هذا الحديث :
« اقتدوا باللذين ...
واهتدوا بهدي عمّار.
وتمسّكوا بعهد ابن أمّ عبد : أو : إذا حدّثكم ابن أمّ عبد فصدّقوه. أو : ما حدّثكم ابن مسعود فصدّقوه ».
فالحديث مشتمل على ثلاث فقرات ، الاولى تخصّ الشيخين ، والثانية عمّار ابن ياسر ، والثالثة عبد الله بن مسعود.
أمّا الفقرة الاولى فكانت موضوع بحثنا ، فلذا أشبعنا فيها الكلام سندا ودلالة ... وظهر عدم جواز الاستدلال بها والأخذ بظاهر لفظها ، وأنّ من المحتمل قويّا وقوع التحريف في لفظها أو لدى النقل لها بإسقاط القرائن الحافّة بها الموجب لخروج الكلام من التقييد إلى الإطلاق ، فإنّه نوع من أنواع التحريف ، بل من أقبحها وأشنعها كما هو معلوم لدى أهل العلم.
وأمّا الفقرتان الأخريان فلا نتعرّض لهما إلاّ من ناحية المدلول والمفاد لئلاّ يطول بنا المقام ... وإن ذكرا في فضائل الرجلين ، وربّما استدلّ بهما بعضهم في مقابلة بعض فضائل أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ... فنقول :
قوله : « اهتدوا بهدي عمار »
معناه : « سيروا بسيرته واسترشدوا بإرشاده ».
فكيف كانت سيرة عمار؟ وما كان إرشاده؟
وهل سار القوم بسيرته واسترشدوا بإرشاده؟!!