ولا عجميّهم ولا المعاهد منهم ولا المشرك ردّ خصلة منها ».
ولو سلّمنا ما ذكره من دخول رواة حديث الطّير من الصّحابة في الإجماع وعدم نقل خلاف عنهم ... فأيّ ضرورة لتوجيه هذا الحديث على وجه لا ينافي اعتقادهم بخلافة أبي بكر؟ إنّه كثيرا ما يتّفق اعتراف الشخص بالحق وهو لا يعتقده ، وذاك مصداق
قوله عليهالسلام : « الحق يعلو ولا يعلى عليه ».
ثمّ إنّ التأويل كيفما كان ، ومن أيّ أحد كان ، بلا مجوّز ، غير جائز ... وهذا شيء نصّ عليه كبار العلماء وأرسلوه إرسال المسلّمات ... قال المنّاوي بشرح حديث : « اتّقوا الحديث عنّي إلاّ بما علمتم » : « قال الغزالي : ومن الطامات : صرف ألفاظ الشارع عن ظاهرها إلى أمور لم تسبق منها إلى الإفهام كدأب الباطنية ، فإن الصّرف عن مقتضى ظواهرها من غير اعتصام فيه بالنقل عن الشارع ، وبغير ضرورة تدعو إليه من دليل عقلي ، حرام » (١).
ولا ريب في أنّ ما فعله التوربشتي في حديث الطير من أظهر مصاديق هذا الموضوع المتوجّه إليه هذا الحكم.
وأمّا دعوى أنّ حديث الطير يخالف ما هو أصحّ متنا وإسنادا فباطلة :
أمّا أوّلا : فلأنّ الفضائل الموضوعة والمناقب المصنوعة موهونة على أصولهم ، كما فصّل في كتاب ( شوارق النّصوص ). وأمّا ثانيا : فلأنّ تلك الأحاديث حتّى لو صحّت عند أهل السنّة فليست بحجة على خصومهم.
__________________
(١) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ١ / ١٣٢.