ابن عمّ النبيّ عليهالسلام ، وختنه على ابنته ، وأحبّ الناس إليه ، وصاحب سوابق مباركات سبقت له من الله ، لن تستطيع أنت ولا أحد من الناس أن يحظرها عليه ، ولا يحول بينه وبينها. وأقول : إنّه إن كانت لعلي هنات فالله حسيبه ، والله ما أجد فيه قولا أعدل من هذا.
فبسر وجه الحجاج وتغيّر ، وقام عن السرير مغضبا ، فدخل بيتا خلفه وخرجنا.
قال عامر الشعبي : فأخذت بيد الحسن فقلت له : يا أبا سعيد ، أغضبت الأمير وأو غرت صدره. فقال : إليك عنّي يا عامر. يقول الناس : عامر الشعبي عالم أهل الكوفة ، أتيت شيطانا من شياطين الإنس تكلّمه بهواه وتقاربه في رأيه! ويحك يا عامر ، هلاّ اتقيت إن سئلت فصدقت أو سكتّ فسلمت. قال عامر :
يا أبا سعيد قلتها وأنا أعلم ما فيها. قال الحسن : فذاك أعظم في الحجة عليك وأشدّ في التّبعة » (١).
قول المأمون العبّاسي :
وروى أبو علي مسكويه : إنّ المأمون كتب إلى الناس كتابا يجيب فيه على اعتراضهم في كتاب لهم إليه على أخذه البيعة منهم لسيّدنا الإمام الرضا عليهالسلام ، فذكر نصّ الكتاب بطوله ، نورد منه قدر الحاجة ، وهذا هو :
« بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآل محمّد رغم أنف الراغمين. أما بعد فقد عرف أمير المؤمنين كتابكم وتدبّر أمركم ومخض زبدتكم ، وأشرف على قلوب صغيركم وكبيركم ، وعرفكم مقبلين ومدبرين ، وما آل إليه كتابكم قبل كتابكم ، في مراوضة الباطل وصرف وجوه الحق عن مواضعها ، ونبذكم كتاب الله تعالى والآثار ، وكلّ ما جاءكم به
__________________
(١) إحياء علوم الدين ٢ / ٣٤٦.