على أنّه لا فائدة في الإصرار على هذه الدعوى وأمثالها ، لثبوت أنّ التشيّع لا يكون قادحا في العدالة أبدا ، بل لا ينافي الرّفض الوثاقة أصلا ... فلو كان الحاكم متشيّعا بل رافضيّا لم يضرّ بوثاقته وجلالته وإمامته في الحديث ، فكيف وهو من كبار أهل السنّة بل أساطينهم ، ومن صدور علمائهم بل سلاطينهم.
حول ما ذكره من أنّه طلب من الحاكم رواية حديث في فضل معاوية فقال : ما يجيء من قلبي ...
وأضاف ابن تيمية لإثبات تشيّع الحاكم : « وقد طلب منه أن يروي حديثا في فضل معاوية فقال : ما يجئ من قلبي ، ما يجئ من قلبي ... » وهذا عجيب من ابن تيمية جدّا ، لأنّه قد ذكر من قبل أنّ أهل العلم بالحديث لا يصحّحون شيئا في فضل معاوية ، فإذا كان موقف الحاكم من فضائل معاوية كسائر أهل العلم عدّ متشيعا؟ اللهم إلاّ أن يدّعي الملازمة بين فضائل معاوية وفضائل أمير المؤمنين عليهالسلام ، بأن يكون ردّ فضائلهما معا ديدن أهل العلم بالحديث ، وحيث أن الحاكم يصحّح فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام ولا يصحّح شيئا في فضائل معاوية فهو شيعي ، وهذا ممّا يضحك الثكلى ...
على أنّ السبكي أورد خبر امتناع الحاكم من رواية شيء في فضل معاوية ، وكذّبه جدّا ، وإليك نصّ الخبر عنده عن ابن طاهر قال : « سمعت أبا الفتح سمكويه بهراة يقول : سمعت عبد الواحد المليحي يقول : سمعت أبا عبد الرحمن السلمّي يقول : دخلت على أبي عبد الله الحاكم ـ وهو في داره لا يمكنه الخروج إلى المسجد ، من أصحاب أبي عبد الله ، وذلك أنّهم كسروا منبره ومنعوه من الخروج ـ فقلت له : لو خرجت وأمليت في فضائل هذا الرجل حديثا لاسترحت من هذه الفتنة؟ فقال : لا يجئ من قلبي ـ يعني معاوية ـ ».
فقال السّبكي : « والغالب على ظنّي أنّ ما عزي إلى أبي عبد الرحمن