أقول : و هذه طريقة متداولة لتقوية الحديث الضعيف بواسطة الشواهد و المتابعات، كما سنذكر ذلك في جواب الوجه الثالث التالي.
الوجه الثالث : الاعتراض بضعف روايات الباب.
إنّ الكثير من رواة أخبار الباب ضعفاء من الناحية الرجاليّة، و موهونون في نقل الحديث، فكثيرا ما نرى هذا السند في روايات النزول : «... الكلبيّ عن أبي صالح ...» و قد نقل السيوطيّ عن الحاكم النيسابوريّ في هذا السند أنّه «أوهى أسانيد ابن عبّاس، مطلقا» و يقول فيه ابن حجر «هذه سلسلة الكذب» (١) .
و الجواب : إنّ ما ذكر صحيح في الجملة، إلّا أنّ ضعف سند حديث مّا لا يعني ــ إطلاقا ــ ضعف متنه، فإنّ من الممكن أن لا يكون المتن ضعيفا بل يكون صحيحا بسند آخر، غير هذا السند الضعيف، توضيح ذلك :
قال المحقّق الدربنديّ : اعلم أنّك إذا وجدت حديثا بإسناد ضعيف فلا يسوغ لك أن تقول (إنّه ضعيف المتن) بالتصريح، و لا أن تقول : (هذا الحديث ضعيف) بقول مطلق و تعني بالإطلاق ضعف الإسناد و المتن جميعا، بل إنّما لك أن تصرّح بأنّه ضعيف الإسناد، أو تطلق القول و تعني بالإطلاق ضعف الإسناد فقط، إذ ربما يكون ذلك المتن قد ورد بسند آخر يثبت به الحديث و أنت لم تظفر به (٢) .
قال اللكهنويّ : قولهم : «هذا حديث ضعيف» فمرادهم أنّه لم تظهر لنا فيه شروط الصحّة، لا أنّه كذب في نفس الأمر، لجواز صدق الكاذب،
__________________
(١) المصدر (ص ١٠٦).
(٢) القواميس (الورقة ٩٤ ــ ٩٥).