مع أنّه يمكن فرض الخلوّ عن الصغيرة والكبيرة ، كما إذا علم منه التوبة من الذنب السابق ، وبه يندفع الإيراد المذكور ، حتّى على مذهب من يجعل كلّ ذنب كبيرة.
وأمّا احتمال فسقه بهذا الخبر لكذبه فيه فهو غير قادح ؛ لأنّ ظاهر قوله : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ)(١) ، تحقّق الفسق قبل النبأ ، لا به ، فالمفهوم يدلّ على قبول خبر من ليس فاسقا مع قطع النظر عن هذا النبإ واحتمال فسقه به.
____________________________________
النقل مضافا إلى قوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) ، حيث يكون المستفاد منه : إنّ الفاسق هو الخارج عن طاعة الله بالمعاصي الكبيرة.
وعلى هذا لا يكون المفهوم منحصرا في المعصوم عليهالسلام ، وانما يبقى فيه من اجتنب الكبائر ، ولو ارتكب الصغائر ، فيكون خبر العادل حجّة بمقتضى المفهوم ، وبذلك ارتفع إشكال انحصار المفهوم بالمعصوم عليهالسلام.
(مع أنّه يمكن فرض الخلوّ عن الصغيرة والكبيرة ، كما إذا علم منه التوبة من الذنب السابق ... إلى آخره) ، أي : إنّ انحصار المفهوم في المعصوم عليهالسلام يرتفع حتى على فرض أن يكون المراد من الفاسق من خرج عن طاعة الله بمطلق المعاصي ولو بارتكاب الصغيرة.
وذلك أنّه قد ورد في الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) (٢) ، فيكون من تاب عن ذنبه السابق خاليا عن الصغيرة والكبيرة ، فيكون هذا الشخص داخلا في المفهوم مع أنّه غير معصوم ، فيرتفع إشكال انحصار المفهوم بالمعصوم حتى على القول بجعل كل ذنب كبيرة.
وقوله : (وأمّا احتمال فسقه بهذا الخبر لكذبه فيه فهو غير قادح ... إلى آخره) دفع لما يمكن أن يقال : إنّ ما ذكرت من أنّ التائب عن الذنب السابق يكون ممّن لا ذنب له فيدخل في المفهوم وهو غير معصوم فيرتفع انحصار المفهوم ، وإن كان صحيحا إلّا أنّه يحتمل فسقه بما أخبر به بعد التوبة من الكذب ، فلا يكون خبره مع الاحتمال داخلا في المفهوم ، فيعود الإشكال المذكور ، وهو انحصار المفهوم في المعصوم.
وحاصل الدفع هو عدم الاعتناء باحتمال الكذب الموجب للفسق في هذا الإخبار ؛ لأن
__________________
(١) الحجرات : ٦.
(٢) عيون الأخبار ٢ : ٧٤ / ٣٤٧. الوسائل ١٦ : ٧٥ ، أبواب جهاد النفس ، ب ٨٦ ، ح ١٤.