وفيه : إنّ إرادة مطلق الخارج عن طاعة الله من إطلاق الفاسق خلاف الظاهر عرفا ، فالمراد به :
إمّا الكافر ، كما هو الشائع إطلاقه في الكتاب ، حيث إنّه يطلق غالبا في مقابل المؤمن.
وأمّا الخارج عن طاعة الله بالمعاصي الكبيرة الثابتة تحريمها في زمان نزول هذه الآية ، فالمرتكب للصغيرة غير داخل تحت إطلاق الفاسق في عرفنا المطابق للعرف السابق ، مضافا إلى قوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ)(١).
____________________________________
المعصوم عليهالسلام المفيد للعلم ، أو من دون المعصوم عليهالسلام كسلمان رضى الله عنه مثلا.
فيكون تعليق الحكم بالفسق الواقعي إشارة إلى عدم اعتبار خبر المخبر غير المفيد للعلم ، ولا يجوز العمل إلّا بما يفيد العلم ، فالآية تكون دليلا على حرمة العمل بغير العلم ، فلا حاجة إلى التمسّك بتعليل الآية لحرمة العمل بغير العلم.
وبالجملة ، إنّ الآية تدل على حرمة العمل بغير العلم من جهتين :
الجهة الاولى : هي تعليق الحكم بالفسق الواقعي.
الثانية : هي عموم التعليل ، فتكون أجنبية عن الدلالة على حجّية خبر الواحد.
(وفيه : إنّ إرادة مطلق الخارج عن طاعة الله من إطلاق الفاسق خلاف الظاهر عرفا).
وحاصل الجواب : إنّ ما ذكر من الإشكال يكون مبنيا على أن يكون المراد من الفاسق مطلق من خرج عن طاعة الله ، وإطلاق الفاسق على هذا المعنى يكون على خلاف الظاهر عرفا ، ثمّ إطلاق اللفظ على خلاف الظاهر من دون قرينة يكون قبيحا لا يصدر من الحكيم والقرينة منتفية ، فلا يمكن أن يكون المراد من الفاسق من خرج عن طاعة الله بارتكاب مطلق المعاصي ، وإنّما المراد بالفاسق :
إمّا الكافر كما هو الشائع في الكتاب العزيز ، كقوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً)(٢) ، وإمّا الخارج عن طاعة الله بالمعاصي الكبيرة كما هو المتبادر منه في زمن نزول هذه الآية.
فالمرتكب للصغائر غير داخل في إطلاق الفاسق في يومنا هذا ، بمقتضى أصالة عدم
__________________
(١) النساء : ٣١.
(٢) السجدة : ١٨.