فخبر الشيخ قوله : «حدّثني المفيد ... إلى آخره» وهذا خبر بلا واسطة يجب تصديقه ، فإذا حكم بصدقه وثبت شرعا أنّ المفيد حدّث الشيخ بقوله : «حدّثني الصدوق» فهذا الإخبار ـ اعني : قول المفيد الثابت بخبر الشيخ «حدثني الصدوق» ـ أيضا خبر عادل وهو المفيد ، فنحكم بصدقه وأن الصدوق حدّثه.
فيكون كما لو سمعنا من الصدوق إخباره بقوله : «حدثني أبي» والصدوق عادل فيصدق في خبره ، فيكون كما لو سمعنا أباه يحدّث بقوله : «حدّثني الصفّار» فنصدّقه لأنّه عادل ، فيثبت خبر الصفّار أنّه كتب إليه العسكري عليهالسلام ، وإذا كان الصفّار عادلا وجب تصديقه والحكم بأنّ العسكري عليهالسلام كتب إليه ذلك القول ، كما لو شاهدنا الإمام عليهالسلام يكتب إليه ، فيكون المكتوب حجّة ، فيثبت بخبر كلّ لاحق إخبار سابقه ، ولهذا تعتبر العدالة في جميع الطبقات ؛ لأنّ كلّ واسطة مخبر بخبر مستقل.
هذا ، ولكن قد يشكل الأمر بأنّ ما يحكيه الشيخ عن المفيد صار خبرا للمفيد بحكم وجوب التصديق ، فكيف يصير موضوعا لوجوب التصديق الذي لم يثبت موضوع الخبرية له إلّا به؟ ويشكل : بأنّ الآية إنّما تدلّ على وجوب تصديق كلّ مخبر ، ومعنى وجوب تصديقه ليس إلّا ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على صدقه عليه.
____________________________________
في الحقيقة كل واسطة يخبر خبرا بلا واسطة ، فيتعدّد الخبر بتعدّد الواسطة فتشمل الآية جميع الوسائط لأنّها أخبار بلا واسطة.
وبالجملة ، إنّ الآية تشمل الأخبار المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام على فرض تسليم انصراف النبأ فيها إلى الإخبار بلا واسطة ؛ لأنّ كل مخبر لاحق يخبر عن سابقه بلا واسطة ، فتلاحظ الوسائط بالنسبة إلى آية النبأ عرضية في مرتبة واحدة ، لا طولية حتى تتحقّق الواسطة.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح كلام المصنّف رحمهالله ؛ لأن ما ذكره المصنّف رحمهالله لا يخلو عن إجمال ، فلا بدّ من تطبيقه على الإشكال بأن يقال :
إنّ المراد من الآية ليس الإخبار عن الإمام عليهالسلام حتى يتوجّه عليه الإيراد المذكور ، بل المراد : إخبار كل لاحق عن سابقه كما ذكرنا ، وإخبار كل لاحق عن سابقه يكون إخبارا بلا واسطة.
(ولكن قد يشكل الأمر ... إلى آخره) ، وهذا الإشكال يكون أدق من الإشكال السابق ،