وأمّا ما ذكره المستدل ـ من أنّ المراد من وجود الحلال والحرام فيه احتماله وصلاحيته لهما ـ فهو مخالف لظاهر القضيّة ولضمير (منه) ولو على الاستخدام.
ثم الظاهر أنّ ذكر هذا القيد مع تمام الكلام بدونه ـ كما في قوله عليهالسلام في رواية اخرى : (كلّ شيء لك حلال حتى تعرف أنّه حرام) (١) ـ بيان منشأ الاشتباه الذي يعلم من قوله عليهالسلام : (حتى تعرف). كما أنّ الاحتراز عن المذكورات في كلام المستدل ـ أيضا ـ يحصل بذلك.
____________________________________
(وأمّا ما ذكره المستدل ـ من أنّ المراد من وجود الحلال والحرام فيه احتماله وصلاحيته لهما ـ فهو مخالف لظاهر القضية ولضمير (منه) ولو على الاستخدام).
قوله : (ثم الظاهر أنّ ذكر هذا القيد مع تمام الكلام بدونه ... إلى آخره).
دفع لما يتوهّم من أنّ ذكر القيد وهو قوله : (فيه حلال وحرام) ليس لبيان منشأ الاشتباه ، لأنّ الرواية لا تختصّ بصورة الاشتباه ، بل أعمّ منها ، إذ يكون معناها : كلّ كلّي فيه قسمان بالفعل فهو حلال ، سواء علمت حليّته كمعلوم التذكية ، أو شك فيها كاللحم المشترى من السوق ، غاية الأمر الحليّة في الأول واقعيّة ، وفي الثاني ظاهريّة ، فلا تختصّ لبيان الحكم الظاهري حتى يكون قوله : (فيه حلال وحرام) بيانا لمنشا الاشتباه.
وحاصل دفع التوهّم المذكور هو أنّ ذكر القيد المذكور مع تمام الكلام بدونه لا يكون إلّا لغرض وفائدة ، والّا يكون لغوا ، فيكون الغرض منه بيان منشأ الاشتباه في الشبهة الموضوعية ، فإن منشأه في الشبهة الحكمية هو فقدان النصّ أو إجماله أو تعارضه ، وفي الموضوعية اشتباه الامور الخارجية كشباهة المذكّى بالميتة مثلا ، فالرواية تختصّ بصورة الاشتباه وتدل على إرادة الحليّة الظاهرية فقط ، بقرينة قوله : (حتى تعرف الحرام منه) لأنّ هذه الغاية لا تتصوّر إلّا في الحليّة الظاهرية ، وبذلك يكون الغرض من قوله : (فيه حلال وحرام) أمران :
أحدهما : الاحتراز عمّا مرّ في كلام المستدل من خروج ما لا يتّصف بالحليّة والحرمة من الأفعال ، أو ما لا يتعلّق به فعل المكلّف من الأعيان الخارجية.
وثانيهما : بيان سبب الاشتباه ، لا بيان ما فيه الاشتباه كما في كلام السيد الصدر رحمهالله.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٤٠.