ومنها : قوله عليهالسلام في مرسلة الفقيه : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) (١).
استدلّ به الصدوق على جواز القنوت بالفارسيّة ، واستند إليه في أماليه حيث جعل إباحة الأشياء حتى يثبت الحظر من دين الإماميّة.
ودلالته على المطلب أوضح من الكلّ ، وظاهره عدم وجوب الاحتياط ، لأنّ الظاهر إرادة ورود النهي في الشيء من حيث هو ، لا من حيث كونه مجهول الحكم.
فإن تمّ ما سيأتي من أدلّة الاحتياط دلالة وسندا وجب ملاحظة التعارض بينها وبين هذه الرواية وأمثالها ممّا يدلّ على عدم وجوب الاحتياط ، ثمّ الرجوع إلى ما تقتضيه قاعدة التعارض.
وقد يحتجّ بصحيحة عبد الرحمن بن حجّاج : فيمن تزوّج امرأة في عدّتها ، قال : (أمّا إذا كان بجهالة فليتزوّجها بعد ما تنقضي عدّتها ، فقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك)
____________________________________
(ومنها : قوله عليهالسلام في مرسلة الفقيه : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي)).
وتقريب الاستدلال بهذه الرواية مبنيّ على أن يكون المراد من الورود في قوله : (يرد) هو الإيصال ، أي : إيصال التكليف إلى المكلّف ، ومن النهي : النهي الواقعي المتعلّق بالشيء بعنوانه الأوّلي لا بعنوانه الثانوي ، أي : كونه مجهول الحكم ، فيكون مفادها ـ حينئذ ـ كل شيء مطلق ومباح ما لم يصل فيه النهي من الشارع ، فيكون شرب التتن مباحا بعنوان كونه شرب التتن ما لم يصل فيه النهي من الشارع بعنوان كونه شرب التتن لا بعنوان كونه مجهول الحكم ، فتكون دلالة هذه الرواية على ـ المطلوب وهو البراءة وعدم وجوب الاحتياط ـ أوضح من الكل ، فحينئذ لو تمّت دلالة ما سيأتي من أدلة وجوب الاحتياط وقع التعارض بينها وبين هذه الرواية ، فلا بدّ من الرجوع إلى ما تقتضيه قاعدة التعارض من التخيير أو غيره ، ممّا يأتي في باب التعارض إن شاء الله تعالى.
(وقد يحتجّ بصحيحة عبد الرحمن بن حجّاج : فيمن تزوّج امرأة في عدّتها؟ قال : (أمّا إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدّتها ، فقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك)
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٧. الوسائل ٢٧ : ١٧٣ ـ ١٧٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٧.