ومنها قوله عليهالسلام : (إنّ الله تعالى يحتجّ على العباد بما آتاهم وعرّفهم) (١).
وفيه : إنّ مدلوله كما عرفت في الآيات وغير واحد من الأخبار ممّا لا ينكره الأخباريون.
____________________________________
القاصر الذي تفحّص عن الحكم ، والجاهل المقصّر الذي لم يتفحّص لم يكن معذورا ، فلا بدّ من إخراجه عن الحكم بالمعذوريّة على فرض العموم.
والسياق لا يقبل التخصيص ؛ لأنّ الظاهر من الرواية هو كون الجهالة علّة للمعذوريّة ، وهذه العلّة موجودة في المقصّر ، فلا يعقل انفكاك المعلول عن العلّة بالتخصيص.
والحاصل أن الرواية مختصّة بالغافل ولا تشمل الشاك ، وبهذا تكون أجنبية عن المقام.
(فتأمّل) لعلّه إشارة إلى أنّ ردّ التعميم في الرواية بلزوم التخصيص المنافي للسياق غير صحيح ، لأنّ لزوم التخصيص لا يختصّ بصورة التعميم بل يلزم وإن كان المراد من الجهل هو المركّب فقط ، لأنّ المعذور فيه ـ أيضا ـ هو القاصر فقط ، فلا بدّ من إخراج المقصّر عن الحكم بالمعذوريّة ، وبذلك يلزم التخصيص.
(ومنها : قوله عليهالسلام : (إنّ الله تعالى يحتج على العباد بما آتاهم وعرّفهم)).
وتقريب الاستدلال بهذه الرواية مبنيّ على أن يكون المراد بالموصول هو الحكم والتكليف ، والمراد بالإيتاء هو الاعلام وإيصال الحكم إلى العباد ، فيكون مفادها ـ حينئذ ـ أنّ الله تعالى لا يحتجّ ـ أي : لا يؤاخذ العباد ولا يكلّفهم ـ إلّا بالنسبة إلى التكاليف التي أوصلها إليهم ، ولا يحتجّ عليهم بما لم يوصله إليهم ، فالرواية تدل على البراءة وعدم وجوب الاحتياط بالنسبة إلى التكاليف المجهولة التي لم تصل إليهم ولو من جهة إخفاء الظالمين إيّاها عنهم.
(وفيه : إنّ مدلوله كما عرفت في الآيات وغير واحد من الأخبار ممّا لا ينكره الأخباريون).
وخلاصة الإشكال : هو أنّ الظاهر من هذه الرواية عدم الاحتجاج والمؤاخذة بما لم يعلم ولم يصل إلى المكلّفين ، والأخباريون لا ينكرون ذلك ، إلّا أنهم يدّعون العلم بالحكم الظاهري ، وهو وجوب الاحتياط.
__________________
(١) الكافي ١ : ١٦٤ / ٤.