الحسن عليهالسلام أنّ الحكم هو الأمير والأمير هو الحكم ، وقد شرط عليه الحسن عليهالسلام أن لا يؤمّر حين شرط أن لا يسمّيه أمير المؤمنين ، فكيف يقيم الشهادة عند من أزال عنه الإمرة بشرط أن لا يسمّيه أمير المؤمنين ، وإذا أزال (١) ذلك بالشرط ، أزال عنه الحكم ؛ لأنّ الأمير هو الحاكم ، وهو المقيم للحاكم ، ومن ليس له تأمير ولاتحاكم يحكم فحكمه هذر ، ولا تقام الشهادة عند من حكمه هذر.
فإن قال (٢) : فما تأويل عهد الحسن عليهالسلام على معاوية وشرطه عليه أن لايتعقّب على شيعة عليٍّ عليهالسلام شيئاً ؟
قيل : إنّ الحسن عليهالسلام علم أنّ القوم جوّزوا لأنفسهم التأويل ، وسوّغوا في تأويلهم إراقة ما أرادوا إراقته من الدماء وإن كان الله تعالى حقنه ، وحقن ما أرادوا حقنه وإن كان الله تعالى أراقه في حكمه ، فأراد الحسن عليهالسلام أن يبّين أنّ تأويل معاوية على شيعة عليٍّ عليهالسلام بتعقّبه عليهم ما يتعقّبه زائل مضمحلٌّ فاسد ، كما أن أزال إمرته عنه وعن المؤمنين بشرط أن لا يسمّيه أميرالمؤمنين ، وأنّ إمرته زالت عنه وعنهم ، وأفسد حكمه عليه وعليهم ، ثمّ سوّغ الحسن عليهالسلام بشرطه عليه أن لا يقيم عنده شهادة للمؤمنين القدوة منهم به في أن لا يقيموا عنده شهادة ، فيكون حينئذ داره دائرة ، وقدرته قائمة لغير الحسن ولغير المؤمنين ، ويكون داره كدار بُخت نصّر ، وهو بمنزلة دانيال فيها ، وكدار العزيز وهو كيوسف فيها.
فإن قال : دانيال ويوسف عليهماالسلام كانا يحكمان لبُخت نصّر والعزيز.
قلنا : لو أراد بخت نصّر دانيال والعزيز يوسف أن يريقا بشهادة عمّار
__________________
(١) في «ش» : زال.
(٢) في المطبوع : قلت ، وما أثبتناه من النسخ.