وفي نسبته مع قاعدة لا ضرر خلاف بينهم فيظهر من بعض المحققين كونهما من قبيل متعارضين.
قال المحقق السبزواري قدسسره صاحب الكفاية في مسألة جواز تصرف المالك في ملكه وان تضرر الجار ، بعد الاعتراف بأنه معروف بين الأصحاب ، ما هذا نصه : ويشكل جواز ذلك في ما إذا تضرر الجار تضررا فاحشا كما إذا حفر في ملكه بالوعة فعد بها بئر الغير أو جعل حانوتة في صف العطارين حانوت حداد ، أو جعل داره مدبغة أو مطبخة (انتهى).
وان اعترض عليه في الرياض بما حاصله انه لا معنى للتأمل بعد إطباق الأصحاب عليه نقلا وتحصيلا ، والخبر المعمول عليه بل المتواتر من «ان الناس مسلطون على أموالهم» ، واخبار الإضرار على ضعف بعضها وعدم تكافؤها تلك الأدلة محمولة على ما ذا لم يكن غرض إلا الإضرار ، بل فيها كخبر سمرة إيماء الى ذلك ، سلمنا لكن التعارض بين الخبرين بالعموم من وجه ، والترجيح للمشهور ، للأصل والإجماع (١).
وظاهر كلام الرياض وغيره معلومية تقديم قاعدة التسلط على قاعدة لا ضرر ، اما من جهة حكومتها عليها ، أو من جهة كونهما متعارضين بالعموم من وجه وتقديمها عليها بحكم الأصحاب.
والانصاف انه ليس قاعدة التسلّط حاكما على لا ضرر ، بل ولا مقدما عليه عند التعارض ، بل ولا من قبيل المتعارضين بل الحق هنا قول ثالث وهو القول بالتفصيل في المسألة.
توضيحه : ان الضرر الحاصل من عموم تسلط الناس على أموالهم على أنحاء :
١ ـ إذا لزم من ترك التصرف المالك في ملكه ضرر عليه يعتد به.
٢ ـ إذا لم يلزم من تركه التصرف ضرر ولكن يفوت بعض منافعه.
__________________
(١) الرياض كتاب احياء الموات ج ٢ ص ٣٧٧.