والثالث : ما تقدّم من المحقّق صاحب الكفاية قدسسره (١) في مقام الاستدلال على بساطة المشتقّ من أنّ أخذ مفهوم الشيء في المفاهيم الاشتقاقية يستلزم تكرّر الموضوع في قضية (زيد قائم) وقضية (الإنسان كاتب) وأمثالهما ، والتكرار مع كونه لغوا يكون على خلاف الوجدان عند المحاورة ومتفاهم العرف من استعمال المشتقّات في اللسان الدارج في جميع الأقطار عند استعمالاتها في الكلام.
وفيه : أنّه قد تقدّم جوابه في أثناء البحث مفصّلا من بيان كيفية أخذ الشيء فيها على نحو الإبهام والإرسال والعاري عن كلّ الخصوصيّات المتصوّرة ، إلّا قيام المبدأ به ، بلا وجه تعيّن له في الانطباق على ذوات معيّنة في الخارج ، كزيد وعمر وبكر وخالد وأشكالهما ، وبهذا التقريب المبهم إذا اخذ مفهوم الشيء فلا يلزم التكرار بوجه من الوجوه أصلا وأبدا في مثل قولنا : «زيد قائم والإنسان قائم» إلّا بتخيّلات عقلية غير العرفية ؛ إذ من البديهي أنّه لا فرق بين جملة «الإنسان كاتب» وجملة «الإنسان شيء له الكتابة» فكما لا نرى تكرارا في استعمال الأوّل في نظر العرف ، كذلك العرف لا يرى تكرارا في الجملة الثانية ، كالأوّل على مسلك التركيب الذي يكون هو الصحيح المختار ، فإنّ تكرار الجملة الثانية ليس إلّا إعادة عين الجملة الاولى بحسب استظهار العرفي بالقطع واليقين كالافق المبين. إذن ليس هنا تكرار موضوعا ، إذ لا يخفى أنّ حقيقة تكرار اللغو عبارة عن إعادة اسم الأوّل بعينه ، مثل أن يقال : زيد زيد ، وضرب ضرب ، مرّة ثانية ، وهذا المعنى من التكرار كذب محض فيما نحن فيه ، وليس له وجود عند جميع المحاورات وهو يكون منتفيا بانتفاء الموضوع هنا ، وقد تقدّم أنّه يلزم إذا كان المأخوذ في مفهوم المشتقّات مصداق الشيء بالواقعية الخارجية في الواقع
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٤.