عند العرف واللغة ، إذ تعيين المفاهيم وخصوصيّاتها من جهة السعة والضيق أمر مربوط باللغة والعرف وأهلهما ، فإذا كان مفهوم اللفظ عندهما موسّعا فلا محالة يكون الانطباق أيضا كذلك ، وإن كان مضيّقا فالانطباق يكون تابعا له في ذلك.
الثالث : قد انقدح لك ـ بما أوضحناه في المقام بما لا مزيد عليه ـ أنّه لا يتفاوت في ذلك بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي بوجه من الوجوه في ذلك ، بل كلّ منهما يكون على حدّ سواء في تلك الجهة.
الرابع : أنّ الاطراد بهذا المعنى وعدمه من حيث الشمول والإطلاق وعدمهما أجنبيّان عن الحقيقة والمجاز ، كما تقدّم مفصّلا بما لا مزيد عليه.
والحقّ في المقام كما هو عليه أهله عبارة عن أنّ الاطّراد المبيّن والناطق عن الحقيقة على سبيل الإجمال ليس إلّا استعمال لفظ خاصّ في مفهوم مخصوص في موارد مختلفة في ضمن محمولات كثيرة وجميع ما يحتمل أن يكون قرينة على إرادة المجاز وخلاف الحقيقة ، فهذا المنهج يكون هو المرجع المنفرد والسبيل المنحصر لتعليم اللغات الأجنبيّة والاطلاع عليها بعنوان الحقيقة ، والصراط المستقيم لاستكشاف الحقائق العرفيّة واللغوية من مجازاتها.
بيان ذلك على النحو الصحيح لتوضيح المراد ينقدح بالنسبة إلى مثال من جاء من بلد إلى بلد آخر ، نظير من ذهب من إيران إلى العراق وبالعكس ، وهو يرى أنّ أهل البلد يستعملون لفظا ويريدون به معنى ، ويطلقون لفظا آخر ويقصدون به آخر وهكذا هلمّ جرّا ، ولكن ذلك الشخص في شكّ في أنّ هذه الاستعمالات والإطلاقات تكون من باب الحقيقة أو أنّها من باب المجاز دون الحقيقة ، فعند ذلك إذا رأى أنّهم يستعملون ويطلقون هذه الألفاظ ويقصدون ويريدون بها تلك المعاني في جلّ تلك الموارد بجميعها وتمامها يحصل له العلم والاطّلاع بأنّها