ومفهوم الظرفيّة من دون أن تكون هناك رابطة بين هذه المفاهيم الثلاثة التي لا يرتبط بعضها ببعض ، فعند ذلك لا يتحقّق التركيب ولا يصحّ الاستعمال ، لتوقّف صحّته على وجود الرابط بين المفاهيم الاستقلالية ، ومن الضروري أنّه منحصر في الحروف وشبهها.
ومنها : أنّ حال المعاني الحرفية والمفاهيم الأدويّة حال الألفاظ في مرحلة الاستعمال ، فكما أنّ الألفاظ في حال الاستعمال ملحوظة آلة ، والمعاني ملحوظة استقلالا ، فكذلك المعاني الحرفية ، فإنّها في مقام الاستعمال ملحوظة آلة ، والمعاني الاسمية ملحوظة استقلالا.
ومنها : أنّ جميع ما يكون النظر إليه آليا يشبه المعاني الحرفية ، كالعناوين الكلّية المأخوذة معرّفات وآليات لموضوعات الأحكام أو متعلّقاتها.
هذا تمام ما أفاد شيخنا الاستاذ قدسسره في بيان المعاني الحرفية بالتفصيل وبالتلخيص منّا.
وإذا نظرنا بعين الإنصاف : فإنّ ما ذكره قدسسره في تلك الامور المتقدّمة فبالنسبة إلى الأوّل والثاني من أنّ المعاني الحرفيّة والاسميّة بينهما تباين بالذات والحقيقة ، لأجل أنّ المعاني الاسميّة مستقلّة في حدّ ذاتها في عالم المفهومية وأنّ الحروف ليست كذلك من حيث المفهوم ، غير قابل للإنكار ، فيكون في نهاية الصحّة والقبول والمتانة إلى حدّ لا مناص من التسليم بذلك ، حسب ما تأتي الإشارة إليه قريبا بحول الله تعالى عزوجل.
وأمّا الأمر الثالث : الذي هو عبارة عن أنّ المعاني الاسميّة إخطاريّة بخلاف المعاني الحرفية ، فإنّها إنّما تكون إيجادية محضة ، ففيه أنّ الإيجادية بهذا المعنى الذي أفاده قدسسره في بيان المعنى الحرفي ، وبهذا المعنى الذي جعله ضدّ المعنى الاسمي مورد للنظر والإشكال ، بل المنع ، لأنّ الإيجادية بذلك البيان الذي