الماضي موضوع للفعل الماضي كفعل ونصر ومنع وكأكرم وافعل من سائر أفعال الثلاثي المزيد. وهكذا مثل هيئة (يضرب) في الفعل المضارع وهيئة (ضارب) في أسماء الفاعل وهيئة (مفعول) في أسماء المفعول إلى آخر المشتقّات من فعل الأمر والنهي والجهد والنفي والاستفهام. فكأنّ الواضع أعلن في وضع المشتقّات بأنّ هيئة فعل ـ وكلّ ما يكون بهذا الوزان كأكل ونصر وقعد وأمثالها ـ وضعتها نوعيّا للدلالة على حدوث المبدأ في الزمان الماضي ، ومثل يضرب ويأكل ويفعل ـ وما يكون بمثابة هذه الهيئة من أفعال المضارع ـ وضعتها للدلالة على أنّ المبدأ يوجد في الحال أو سيوجد في الاستقبال. وهكذا هيئة الفواعل والمفاعيل كالضارب والمضروب ، وهكذا.
ولكن قد يشكل بأنّ وضع الهيئات كما يكون نوعيّا كذلك وضع الموادّ أيضا كما تقدّم آنفا يكون نوعيّا ؛ لأنّ الواضع حين الوضع كأنّه التزم بأنّ هيئة تركّب زيد من «ز ، ي ، د» ـ من أيّ شخص في نوعه وفي أيّ مكان وفي أيّ زمان تكلّم به بعنوان الاستعمال في ذلك الرجل الموجود في الخارج ـ وضعتها اسما له في اللغة والمحاورة.
فعلى هذا التقريب لا فرق من ناحية الوضع بين أسماء الأعلام وأسماء المشتقّات والأفعال من حيث النوعيّة والشخصية بين الموادّ والهيئات.
وبعبارة اخرى : ملخّص الإشكال أنّ ملاك شخصيّة الوضع في المواد إن كان وحدة كلّ واحدة منها ذاتا ونفسا وطبيعة وتشخّصها وتميّزها عن مادّة اخرى بذاتها في تخلّقها التكويني ، فهو هي بعينها موجودة في الهيئات أيضا بالقطع واليقين ؛ إذ كلّ هيئة بذاتها وتشخّصها متمايزة عن هيئة اخرى في الوجود الخارجي ؛ إذ من الضروري من باب المثل أنّ هيئة فاعل ممتازة بذاتها عن مثل هيئة ضارب وآكل وشارب وصابر إلى آخر الهيئات المشتقّة عن المبادئ