ومنهم من ذهب إلى استحالة الاشتراك في الوضع من قبل الواضع في اللغة.
وقد استدلّ عليه بأنّ الغرض والحكمة في الوضع عبارة عن إبراز المعاني وإظهارها والدلالة عليها عند التخاطب في مقام المفاهمة والتفهيم والتفهّم بالألفاظ الواضحة الدلالة من دون إجمال وإبهام وشبهة ، في قبال الإيماء والإشارات المبهمة والمجملة في إيصال السامع إلى المعاني عند الحاجة بالسهولة والوضوح ، ولا شكّ أنّ ذلك غير ممكن التحقّق من ناحية الاشتراك ، إذ الاشتراك موجب للإجمال والإبهام في مقام إبراز المعنى. ومن البديهي الواضح أنّ إيجاد الإجمال والإيهام في المحاورة واللغة بالتصدّي لوضع الاشتراك من قبل الواضع يكون نقضا للغرض من حكمة الوضع ، فهو لغو محض ، بل مخلّ بنظام الدلالة الذي هو من أهمّ الامور العقلائية الدخيلة في جميع كيان المجتمع البشرية ، فيستحيل أن يصدر من الواضع الحكيم.
وبعبارة اخرى : إنّ الاشتراك بعنوان الوضع في الوضع يكون من المستحيل ؛ إذ الغرض المقصود الباعث على الوضع إنّما يكون عبارة عن رفع الإجمال والإبهام عن الكلام في مقام الدلالة والإبراز ، لأجل أن يترتّب عليه حصول التفهيم والتفهّم بالسهولة والوضوح في مقام التخاطب ، ولا شكّ أنّ صدور ذلك النحو من الوضع من الواضع مخالف لحكمة الوضع ، لأنّه يوجب الإجمال ، ويختلّ نظام الدلالة ، فيكون نقضا للغرض من الوضع ، ونقض الغرض غير ممكن الحصول والصدور من الواضع الحكيم الذي يمشي على نظام الحكمة والمصلحة في اللغة والمحاورة.
والحاصل : المقصود من الاستدلال على بطلان الاشتراك على استحالة الاشتراك في اللغات هو منافاته للحكمة والمصلحة الباعثة للواضع إلى الوضع ، وهي ليست إلّا التفهيم والتفهّم في مقام الحاجة ، من جهة أنّ إبراز المقاصد