وهو أنّ ما ذكرتم لا يتمّ في الألفاظ التي وصلت إلينا من النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله من دون وساطة الأئمة عليهمالسلام ، فهذا المقدار يكفي في وجود الثمرة للبحث في هذه المسألة.
وفيه أنّ ذلك مجرّد فرض لا يسمن ولا يغني من جوع ؛ إذ لا واقعيّة له حتّى عند الفارض. فصارت النتيجة الحاصلة من هذا المبحث ـ بعد الإقرار بعدم ترتّب الثمرة عليه ـ أنّ هذه المسألة من المباحث العلمية المحضة فقط وليس إلّا.
الجهة الثانية : اعلم أنّ المراد من الحقيقة الشرعيّة على فرض إثباتها إن كان نحو الوضع التعييني كوضع الآباء أسامي أبنائهم عند الأرحام والأقرباء في محلّ واحد بعنوان يوم التسمية ، فذلك من البطلان لا يحتاج إلى البيان ؛ إذ لو كان لنقل إلى تمام الامّة بالتواتر المسلّم لما فيه من الاهتمام ، لأنّها من المسائل التي تعمّ بها البلوى لجميع الامّة في كلّ يوم وشهر وسنة بالنسبة إلى كلّ مكلّف من الرجال والنساء في جميع العصور والأزمان ، مع أنّ مثل هذا النقل والوضع في هذه الألفاظ مقطوع العدم من شخص واحد من الأصحاب ، فضلا عن أن يكون متواترا بطرق كثيرة من الأصحاب.
ولا تقاس هذه المسألة بمسألة الغدير في نصب الأمير عليهالسلام ـ في اجتماع الناس على رءوس الأشهاد كالنور في مشكاة الملكوت بإثبات شمس عالم الوجود المأمور بإظهاره وإثباته من قبل الله الذي بيده الخلق والأمر في الملك والملكوت ، حيث قال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)(١) ، والحال أنّها جعلت في ظلم الإنكار إلى حدّ حدث شكّ فيه على ما نقل عن بعض الأبرار ، لقيام المكذّبين على الإنكار بإحداث المحتملات الواهية الكثيرة في
__________________
(١) المائدة : ٦٧.