الله ، أو غير
سنة رسولهم.
[٨٥] (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما
ظَلَمُوا) ، أي : حقت عليهم كلمة العذاب بسبب ظلمهم ، الذي
استمروا عليه ، وتوجهت عليهم الحجة. (فَهُمْ لا
يَنْطِقُونَ) ، لأنه لا حجة لهم.
[٨٦] أي : ألم
يشاهدوا الآية العظيمة ، والنعمة الجسيمة ، وهو تسخير الله لهم الليل والنهار. هذا
بظلمته ، ليسكنوا فيه ويستريحوا من التعب ، ويستعدوا للعمل ، وهذا بضيائه ،
لينتشروا فيه في معاشهم وتصرفاتهم. (إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) بكمال وحدانية الله وسبوغ نعمته.
[٨٧] يخوف الله
عباده ، ما أمامهم من يوم القيامة ، وما فيه من المحن والكروب ، ومزعجات القلوب ،
فقال : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ
فِي الصُّورِ فَفَزِعَ) بسبب النفخ فيه (مَنْ فِي السَّماواتِ
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) أي : انزعجوا وارتاعوا ، وماج بعضهم ببعض ، خوفا مما هو
مقدمة له. (إِلَّا مَنْ شاءَ
اللهُ) ممن أكرمه الله ، وثبته ، وحفظه من الفزع ، (وَكُلٌ) من الخلق عند النفخ في الصور (أَتَوْهُ داخِرِينَ) صاغرين ذليلين. كما قال تعالى : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) (٩٣). ففي ذلك اليوم ، يتساوي الرؤساء والمرءوسون ، في الذل والخضوع ،
لمالك الملك.
[٨٨] ومن هوله
أنك (تَرَى الْجِبالَ
تَحْسَبُها جامِدَةً) لا تفقد شيئا منها ، وتظنها باقية على الحال المعهودة ،
وهي قد بلغت منها الشدائد والأهوال كلّ مبلغ ، وقد تفتّتت ، ثمّ تضمحل ، وتكون هباء
منبثا. ولهذا قال : (وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ
السَّحابِ) من خفتها ، وشدة ذلك الخوف وذلك (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ
شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) فيجازيكم بأعمالكم.
[٨٩] ثمّ بين
كيفية جزائه فقال : (مَنْ جاءَ
بِالْحَسَنَةِ) يعم جنس الحسنات ، قولية ، أو فعلية ، أو قلبية (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) هذا أقل التفضيل. (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ
يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) أي : من الأمر الذي فزع الخلق لأجله. آمنون ، وإن كانوا
يفزعون معهم.
[٩٠] (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) اسم جنس ، يشمل كلّ سيئة (فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ
فِي النَّارِ) ، أي : ألقوا في النار على وجوههم ، ويقال لهم : (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ).
[٩١] أي : قل
لهم يا محمد (إِنَّما أُمِرْتُ
أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ) أي : مكة المكرمة (الَّذِي حَرَّمَها) وأنعم على أهلها ، فيجب أن يقابلوا ذلك بالشكر والقبول.
(وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ) من العلويات والسفليات ، أتى به ، لئلا يتوهم اختصاص
ربوبيته بالبيت وحده. (وَأُمِرْتُ أَنْ
أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ، أي : أبادر إلى الإسلام. وقد فعل صلىاللهعليهوسلم ، فإنه أول هذه الأمة إسلاما ، وأعظمها استسلاما.
[٩٢] (وَ) أمرت أيضا (أَنْ أَتْلُوَا) عليكم (الْقُرْآنَ) لتهتدوا به ، وتقتدوا وتعلموا ألفاظه ومعانيه ، فهذا
الذي عليّ ، وقد أديته. (فَمَنِ اهْتَدى
فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) نفعه يعود عليه ، وثمرته عائدة إليه (وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ
الْمُنْذِرِينَ) ، وليس بيدي من الهداية شيء.