يُمْسِكْ
فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ).
(الرّزّاق) لجميع عباده ، فما من دابة في الأرض ، إلا على الله
رزقها. ورزقها لعباده نوعان :
رزق عام ، شمل
البر والفاجر ، والأولين والآخرين ، وهو رزق الأبدان.
ورزق خاص وهو
القلوب ، وتغذيتها بالعلم والإيمان.
والرزق الحلال
الذي يعين على صلاح الدين ، وهذا خاص بالمؤمنين ، على مراتبهم منه ، بحسب ما
تقتضيه حكمته ورحمته.
(الحكم العدل) الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة ، بعدله وقسطه.
فلا يظلم مثقال ذرة ، ولا يحمل أحدا وزر أحد ، ولا يجازي العبد بأكثر من ذنبه
ويؤدي الحقوق إلى أهلها ، فلا يدع صاحب حق إلا وصل إليه حقه. وهو العدل في تدبيره
وتقديره (إِنَّ رَبِّي عَلى
صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
(جامِعُ النَّاسِ
لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) ، وجامع أعمالهم وأرزاقهم ، فلا يترك منها صغيرة ولا
كبيرة إلا أحصاها. وجامع ما تفرق واستحال من الأموات الأولين والآخرين ، بكمال
قدرته ، وسعة علمه.
(الْحَيُّ الْقَيُّومُ) كامل الحياة والقائم بنفسه. القيوم لأهل السموات والأرض
، القائم بتدبيرهم وأرزاقهم ، وجميع أحوالهم ف «الحي» : الجامع لصفات الذات ، و «القيوم»
الجامع لصفات الأفعال.
(النور) نور السموات والأرض. الذي نوّر قلوب العارفين بمعرفته ،
والإيمان به ، ونوّر أفئدتهم بهدايته ، وهو الذي أنار السموات والأرض ، بالأنوار
التي وضعها ، وحجابه ، النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من
خلقه.
(بَدِيعُ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) أي : خالقهما ومبدعهما ، في غاية ما يكون من الحسن
والخلق البديع ، والنظام العجيب المحكم.
(القابض) (الباسط) يقبض الأرزاق والأرواح ، ويبسط الأرزاق والقلوب ، وذلك
تبع لحكمته ورحمته.
(المعطي) (المانع) لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع. فجميع المصالح
والمنافع ، منه تطلب ، وإليه يرغب فيها. وهو الذي يعطيها لمن يشاء ، ويمنعها من
يشاء ، بحكمته ورحمته.
(الشهيد) أي : المطلع على جميع الأشياء. سمع جميع الأصوات ،
خفيها وجليها. وأبصر جميع الموجودات ، دقيقها وجليلها ، صغيرها وكبيرها ، وأحاط
علمه بكل شيء ، الذي شهد لعباده ، وعلى عباده ، بما عملوه.
(المبدى) ، (المعيد قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي
يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) ، ابتدأ خلقهم ، ليبلوهم أيهم أحسن عملا ، ثم يعيدهم ،
ليجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، ويجزي المسيئين بإساءتهم. وكذلك ، هو الذي يبدأ
إيجاد المخلوقات شيئا فشيئا ، ثم يعيدها كل وقت.
(الفعّال لما يريد) وهذا من كمال قوته ، ونفوذ مشيئته وقدرته ، أن كل أمر
يريده يفعله بلا ممانع ، ولا معارض ، وليس له ظهير ولا عوين ، على أيّ أمر يكون ،
بل إذا أراد شيئا قال له (كُنْ فَيَكُونُ). ومع أنه الفعال لما يريد ، فإرادته تابعة لحكمته وحمده
، فهو موصوف بكمال القدرة ، ونفوذ المشيئة ، وموصوف بشمول الحكمة ، لكل ما فعله
ويفعله.
(الغنىّ) ، (المغني) فهو الغني بذاته ، الذي له الغنى التام المطلق ، من
جميع الوجوه ، والاعتبارات